google-site-verification=e2DmWX0gwfReVFQpzcu4ly1zLPF-RUvuc6uHqoZo_ik

القوة الناعمة وعودة الروح للشخصية المصرية .. الفن سلاح تم تجاهله عمداً

بقلم الكاتب محمد نبيل محمد

 

محاولة منا في القيام بما يقتضيه الحال من الاصطفاف وخلق مناخ عام من التعبئة للتوعية بما هو دائر حولنا وبيننا من معارك الجيل الرابع الهادفة لتشويه الشخصية المصرية، وهدم نسقها الأخلاقي، والإطاحة بدعائم الدولة الأولى في الحضارة الإنسانية، وتحويلها للفاشلة، ثم هدمها لإقامة الدولة الكبرى على أنقاضها ونيل الجائزة الكبرى!

 

من خلال تفعيل أدب ودراما الحرب سننتصر لنصر أكتوبر الذي حققه الآباء بالدم وهزمه الأبناء بالتجاهل, وسنتعرض على مدار حلقات متتالية لأزمة الكتابة لأدب الحرب وإشكالية الاستثمار في دراما الحرب، طرقا على جميع الأبواب الموصدة -عمدا أو جهلا- بأهمية سلاح الأدب والدراما في تاريخ وواقع الوطن.

 

إذا كانت الأدوار والمهام متبادلة فلكل منا واجب يقتضى الحال أداءه بإخلاص، خاصة إذا كانت مهمة الفرد الآن تعادل مهمة حرب -لما لا- والعالم يموج الآن بحراك معارك جديدة لم يعهدها السابقون، بل والكثيرون من المعايشين، بدت رحى حروب الجيل الرابع تدور كآلات الموت البطيء، تعلو نظرية المؤامرة على ما دونها من معتقدات رومانسية حالمة، لم يعد لها موضع لا في واقع، ولا في خيال، قد ينظر الغالبية للثقافة والفنون بنظرة استعلاء، وربما يتحدث الخاصة من الكبار أنها رفاهية لا ضرورة حقيقية لها الآن، وربما بعد الآن، متغافلين آليات الحرب الآن التي تعتمد بجلاء ضمن أسلحتها على الثقافة والآداب والفنون والإعلام، وتجبر المجاميع على فرض ساحة قتال في غير ما سطر وأسس ونَّظر كل من عباقرة الفكر الاستراتيجي الرواد أمثال بوفر، وليدل هارت، وكلاوتز فيتز، في تأصيلهم لعلم الحرب الكلاسيكية، إنما ميدان القتال الآن هو وجدان الجمهور وعقله الجمعي, ويخطئ من يتوهم أننا قادرون بالرصاص والبارود –فقط– على نيل النصر في مثل هذه المعارك الافتراضية دون امتلاك أسلحة الثقافة والفن والأدب والإعلام، ودون الوقوف على نواصى ميادين هذه الحرب فى قلب ووجدان ومعتقد الجماهير.

 

وإذا كان الآباء قد انتصروا فى أكتوبر وأعادوا لنا الأرض، فقد قرر العدو أن يجبرنا على خوض غمار معارك لم نستعد لها مبكرا، وربما نجهل أصولها من البداية، لذا يحق الآن أن نعلن أمام أنفسنا -دون جلد للذات– أننا جيل لم يحفظ انتصار الآباء، بل والأعظم خسارة أننا هزمنا أكتوبر!!

 

نتحدث كثيرا عن الفن السابع والشاشة الفضية ونزهو بأنفسنا وكأننا مازلنا رواد هذه الفنون، وفى نرجسية مميتة من اضطراب في الشخصية الجمعية والغرور غير المبرر، والتعالي على الآخر دون استحقاق، كأننا نعيش غرقا في الأسطورة اليونانية لنركسوس الذي كان آية في الجمال وظل يعشق نفسه حتى الموت إلى أن رأى وجهه في الماء كما عبر عن هذه الأسطورة مايكل أنجلو فى لوحته نركسوس، لنقف أمام نقطة نظام الآن لنعيد تقيم الموقف وليكن السؤال الأهم: أين نحن من صناعة السينما بوجه عام، خاصة أين نقف من صناعة سينما الحرب؟

 

إذا اعتبرنا أننا أصحاب تاريخ مجيد –سحيق- من البطولات والانتصارات، وأن أجدادنا أدوا ما يجب عليهم في التعبير عن بطولاتهم بالفنون المتاحة -حينها– باقتدار شهدت له الإنسانية، فلماذا لم نسع لاستكمال أداء ما هو محتم علينا فعله تجاه الانتصار لبطولات الآباء في (أكتوبر) ومقابلة تضحيات الدم ببعض الجهد والإتقان لما هو واجب علينا القيام به؟

 

يقولون إن صناعة سينما الحرب ترف لا نقوى على التنعم به، وأنه من الأجدى نفعا أن ننهض بصناعة السينما الكوميدية أو دراما العنف، وربما التخصص في الإثارة وإشباع الغرائز، والسعي الدءوب لضخ رءوس الأموال –غير المعلوم نزاهتها– لتشويه متعمد لملامح الشخصية المصرية، وتلك معركة أوشكنا على خسارتها، اللهم إلا يقظة واستنهاضا للغافلين!

 

إن أحداً لا نعلمه يروج بدهاء وخبث لمقولة إن الجمهور هو الحكم والفيصل، وإن الشباك هو المعيار, ونتغافل أن صناعة السينما يجب أن تطبق القاعدة الذهبية بتوازن محكم بين ما يحب أن يشاهده الجمهور وما يجب أن يشاهده الجمهور, ومن هنا ننزلق إلى سينما الغرائز التي تهدم النسق الأخلاقي للشخصية المصرية التي تحدث عنها جيمس بريستيد فى رائعته المخلدة ” فجر الضمير ” التي نسب خلالها بزوغ الأخلاق في مهد الإنسانية للمصريين، وليس لغيرهم، الأمر الذي اشتط له حسد وحقد الآخرين! وسعوا من خلال وهم اسمه البروتوكولات –تم استغلاله بدقة– لطمس ملامح الشخصية المصرية من خلال الفن السابع الذي تملكت نواصيه روحا وجسدا الشركات العابرة للقارات بهدف اكتساب عطف، ثم تأييد الجموع، ومن جانب آخر إعلان الحرب الخفية على المصريين، ونظل نحن نبكى الزمن الجميل ونتحسر على رفاته عندما نشاهد التجارب الأولى للسينما المصرية التي لم نحسن تطويرها واستغلالها كإحدى أذرع القوى الناعمة لمصر والمؤثرة، إقليميا ودوليا، أو التي كانت مؤثرة!

 

عبثا، يتداول الإعلام مقولات ساذجة عن أن شخصيات المقاتلين تخلوا من إبعاد إنسانية تحقق المعادلة الدرامية. أوان أحداث المعارك وسردها يفتقر إلى السياق الدرامي, والأكثر كفرا بتاريخ هذا الوطن أن إعلامنا يغرق صمتا –اختياريا– أمام ما تم استحداثه والتخطيط له على مهل لنشره كالصاعقة: إن المصريين لم ينتصروا في حرب الغفران!متجاهلين شهادة الآخرين أنفسهم من رأس الدولة جولدا مائير وشهادتها المسطورة بكتاب (حياتي) وقائد جيش الدفاع موشيه دايان وكتابه (مذكرات موشيه دايان) ومدير المخابرات الحربية لجيش الدفاع ايلى زعيرا وكتابه (سقوط الأسطورة أمام الواقع).

عن admin

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *