google-site-verification=e2DmWX0gwfReVFQpzcu4ly1zLPF-RUvuc6uHqoZo_ik

مقتل كليبر علي يد سليمان الحلبي

كتب- سيد بدران

في صبيحة يوم 15 حزيران 1800م، ترصّد سليمان الحلبي للجنرال كليبر، قائد جيوش الحملة الفرنسية على مصر، بالقرب من بركة الأزبكية، وطعنه بسكينٍ – حملها معه من غزة- أربعَ طعناتٍ قاتلةٍ. أُلقي القبض على سليمان الحلبي ليُعدم على “الخازوق” بعد تحريق ذراعه اليمنى في كرنفالٍ إستعماريٍّ ساديٍّ. أصرّ أحد علماء التشريح الفرنسيين الذين رافقوا الجيوش الفرنسية في “حملتها الاستكشافيّة” (التي يُؤرخ بها الكثير من المثقفين المصريين والعرب للحداثة العربية) على أن تُنزع رأس سليمان الحلبي عن جثته، وتُسلخ جلدة رأسه، ليستخدم الجمجمة في محاضراته لتأكيد نظريته حول العلاقة ما بين نتوء الجمجمة والسلوك الإجرامي.
حُملت جمجمة الحلبي إلى عاصمة “الأنوار” و”حدائق الحيوان” البشريّة، باريس، لتُستخدم كـ”وسيلة إيضاحٍ تعليميةٍ”، ولينتهي بها المطاف معروضةً إلى اليوم في “متحف الإنسان ” في باريس، وقد أُشير إليها بـ”جمجمة مجرمٍ”. على الجهة المقابلة من جمجمة الحلبي، وفي ذات ساحة العرض في المتحف، تتربّع جمجمة “الأب الروحي” للحداثة الاستعمارية الثانية؛ “رينيه ديكارت”، وقد أُشير اليها بـ”جمجمة عبقريٍّ”.
ما بين سكين الحلبي “والكوجيتو الديكارتي :أنا أفكر أنا موجود”، تمتدُّ ساحة المواجهة مع المشروع الاستعماري، ويتكثف تاريخٌ طويلٌ من “استعمار العقل” وتشكيل الوعي تحت قصف المدافع من جهةٍ، والكدح في سبيل البحث عن الذات والمقاومة من جهةٍ أخرى. واستمراراً لسؤال البحث عن مخرجٍ من النفق المعرفي الاستعماري، ومساهمةً في تشكيل وعيٍّ جادٍّ بالمنظومة الاستعمارية المعاصرة، كانت “دائرة سليمان الحلبي للدراسات الاستعمارية والتحرر المعرفي”.

عن admin

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *