قصة في قصقوصة الجميلة القديرة “هدي سلطان” و” فاطمه تعلبه “

كتب محمد السمان

لما تلاقي نفسك متعلق بشخصية فنية تم تقديمها فى أى عمل درامي لازم تكون متأكد إن سبب التعلق ده مش بس النص المكتوب كويس أو مهارة أداء الفنانين فى العمل أو دقة الإخراج أو جمال الموسيقي!.. فيه عنصر تاني لازم يكون موجود وبقوة، وهو ده اللي بيخّلي اي عمل فنى يفضل موجود فى الذاكرة بكل شخصياته وحتى الجمل الحوارية للأبد!.. الإهتمام بالتفاصيل!..

 

الفنانة القديرة الراحلة “هدي سلطان” كانت من أكتر الفنانين اللي بيهتموا بالتفاصيل بشكل كبير جداً.. بتقول فى حوارها مع مجلة “المصور” سنة 1998 إن الفنان من وجهة نظرها مش بغبغان يحفظ الكلام ويردده!.. بالعكس.. لازم يكون فاهم تفاصيل الشخصية الداخلية ويحسها.. ومش يقبل أى عمل بيتعرض عليه وخلاص كمان!.. لأ.. يعمل اللي يحس إنه هيلاقي نفسه فيه، وهيبقي متملك لأدواته جواه حتى لو هيضطر إنه يرفض أعمال كتيرة، ويقبل أعمال مساحتها أصغر..

 

فى مسلسل “أرابيسك” وقبل ما التصوير يبدأ أساساً طلبت من المخرج “جمال عبدالحميد” إنها تروح تزور الأستديو اللي فيه ديكور شقة “أم حسن” اللي هو دورها فى المسلسل.. زيارة قبل ما التصوير يبدأ أساساً!.. “جمال” وافق.. راحت.. دخلت أوضة أولادها “حسن”، و”حسني”، وقعدت على الكنبة اللي هتقعد عليها فى معظم الأحداث عشان تتعود عليها، وكمان كانت حاطة فى ودانها ووكمان بتسمع من خلاله الحوار اللي كانت هتقوله!.. كل ده إمتي؟.. قبل بداية التصوير بكام يوم!..

 

فى دورها الأشهر “فاطمة تعلبة” فى مسلسل “الوتد” كانت حريصة إن علاقتها بـ أولادها التسعة (سبع شباب وبنتين) ده غير زوجات الأولاد تكون علاقة أم بـ أولادها وده شوفناه إزاي إنعكس على الشاشة.. يعني ماتقدرش تقول إن دول مش ولاد الست دي!.. نزلت إشترت بنفسها على حسابها خمسين فستان بعيد عن الإنتاج عشان تكون مرتاحة فيهم، وهى بتمثل.. كانت حريصة تتكلم باللهجة الفلاحي بتاعت الشخصية حتى خلال وجودها فى بيتها لدرجة إن حفيدتها “نبيلة” اللى كانت وقتها عندها 13 سنة كانت بتستغرب من لهجة جدتها فترد عليها “هدي” إن دى لهجة أجدادنا الفلاحين.. برضه كانت بتتعمد تصلي وهي فى الأستديو على “حصيرة” زي ما أهالينا الفلاحين كانوا بيعملوا فى الواقع مش على سجادة صلاة قماش!.. والغرض؟.. عشان نصدق، وفعلاً صدقناها..

 

أى حاجة فيها إهتمام بالتفاصيل لازم تنجح فى النهاية حتى لو طولت أو أخدت مجهود بس نتيجتها بتبقي مبهرة.. ربنا يرحم الفنان الجميلة القديرة “هدي سلطان” هى وكل نجوم زمن الفن الجميل اللي كان الفن بالنسبالهم رسالة أكبر من مجرد عمل يتقدم وخلاص.