google-site-verification=e2DmWX0gwfReVFQpzcu4ly1zLPF-RUvuc6uHqoZo_ik

الأفيال والحيتان.. أسلحة الطبيعة لمواجهة التغيرات المناخية

كتب – السيد بكري:

قد يتعجب البعض من وجود وجه للشبه بين الأفيال وثعالب البحر والحيتان .. فما هو القاسم المشترك بينها؟!.. تتلخص الإجابة فى أنها جميعا تزيد من كمية الكربون التى يمكن تخزينها فى أنظمتها البيئية. فالأفيال تنثر البذور وتدهس النباتات العشبية القصيرة، مما يتيح الفرصة للأشجار الأطول لتنمو أكثر. أما ثعالب البحر، فهى تتغذى على قنافذ البحر، مما يسمح لعشب البحر بالازدهار، وكذلك، تتغذى الحيتان فى الأعماق وتطلق العناصر الغذائية فى أثناء التنفس على السطح، مما يحفز من إنتاج العوالق النباتية.

الأمر لا يقتصر على هؤلاء الثلاثة فقط، فهناك العديد من الأنواع لها تأثيرات معقدة على بيئاتها والتى تغير كمية الكربون المخزنة فى النظم البيئية المحيطة بها، مما يؤثر بدوره على تغير المناخ. فعندما انخفضت أعداد الحيوانات البرية بسبب المرض، لم تعد ترعى كثيرا، وتسبب العشب المتزايد فى حرائق أكثر شدة. كما أدت إعادة أعداد الحيوانات البرية لمعدلها الطبيعى من خلال إدارة الأمراض إلى تقليل عدد الحرائق.

ومن هنا يتضح أن الحيوانات تجعل النظم البيئية أكثر فاعلية فى تخزين الكربون، من خلال الأكل والحركة والدهس والحفر والتغوط. وبالنظر إلى مجموعة من الدراسات المختلفة، يتبين أن الحيوانات البرية تمثل 0.3٪ فقط من الكربون فى إجمالى الكتلة الحيوية العالمية، ولكنها يمكن أن تسبب فرقا يتراوح بين 15٪ و 250٪ فى كمية الكربون المخزنة فى نظام بيئى معين.

وهناك ما يسمى بـ «الحلول القائمة على الطبيعة»، التى يجب أن تكون جزءًا من أى استراتيجية فعالة لمعالجة الانهيار المناخي. وبما أن الحد من الانبعاثات ليس وحده كافيا، فنحن بحاجة إلى استخدام قوة الطبيعة الهائلة لإزالة الكربون من الغلاف الجوى وحبسه.

وتعتبر الآليات المعقدة التى طورتها الطبيعة فعالة بشكل مذهل، لذا قد يكون من المنطقى استمرار محاولة الدول تطوير تقنيات جديدة لاحتجاز الكربون، ولكن بالتأكيد ليس من المعقول تجاهل الطرق المثبتة للقيام بذلك والتى توفرها لنا الطبيعة بالفعل.

ويرى الخبراء ضرورة أن ينصب التركيز الحالى للحلول القائمة على الطبيعة على النباتات، فعلى سبيل المثال، استعادة أشجار المانجروف وعشب البحر والأعشاب البحرية نظرا لأهميتها.

وفى القطب الشمالي، يتم تخزين كميات هائلة من الكربون فى التربة الثلجية. كما سيساعد التأكد من وجود قطعان من الحيوانات الكبيرة فى الحفاظ على الكربون هناك عن طريق ضغط الثلج، والحفاظ على التربة مجمدة.

وبما أن الطبيعة يمكن أن تتعافى عندما تمنح الفرصة، فيجب العمل على مواءمة المصالح مع المجتمعات المحلية والظروف المعاد إنشاؤها لعودة مجموعات الحيوانات على نطاق واسع لما كانت عليه من قبل نظرا لأهمية تلك الحيوانات فى الحفاظ على النظام البيئى واستعادة نسبة الكربون الطبيعية.

وهناك أمثلة كثيرة لمحاولات استعادة حيوانات لنسبتها الطبيعية فى كثير من المناطق، مثل: عودة النمور عبر نيبال والهند لما كانت عليه. إن فهم الدور الذى يمكن أن تلعبه الحيوانات فى مساعدة الطبيعة على التقاط الكربون له آثار عميقة على كيفية قيامنا بالحفظ، لذا يجب التوقف عن فصل الطبيعة عن الناس من أجل السماح لها بالازدهار. بدلا من ذلك، يجب أن ينصب التركيز على تحقيق التعايش بين الناس والحياة البرية حتى لا تؤذى أحدها الأخرى.

وفى بعض المجتمعات المحلية، تم إنشاء ملاذات خاصة لحماية الحيوانات التى تواجه تهديدات تحد من تزايدها أو وجودها بنسبتها الطبيعية. فإن العالم الذى تزدهر فيه الحياة البرية هو أيضا عالم يتمتع بالمرونة التى يحتاجها لتحمل أزمة المناخ والتخفيف من حدتها. ويرتبط مستقبل كوكب الأرض ارتباطًا وثيقًا برفاهية الحيوانات البرية فى العالم. فإذا أراد العالم إنقاذ ما يمكن إنقاذه، فعليه القيام بعمل أفضل لحماية الحيوانات والعمل على استعادتها لتوازنها الطبيعى.

عن admin

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *