google-site-verification=e2DmWX0gwfReVFQpzcu4ly1zLPF-RUvuc6uHqoZo_ik

“يونيه” فى ذاكرة الوطن

بقلم الكاتب محمد نبيل

ذالتاريخ ليس أرقاما إنما أحداثا تموج فى محيط جغرافي يقوم بدور البطولة فيها من سيخلدهم التاريخ وتهوى أسماء – أخرى – سيلعنها التاريخ – أيضا- وفى النهاية لا تتم قراءة التاريخ فى عزلة عن معطيات ومقدمات تلك الأحداث، كما أنه ليس من الموضوعية في شيء أن يتم تحييد السياق العام للأحداث والذى يتشكل ويتأثر بالوجدان الجمعي وينتهى إلى جملة أهداف منها ظاهر والكثير منها مسكوت عنه،

 

كما أن آلة الدعاية قد تكون في صالح طرف على حساب آخر وبهذا قد تكون سببا فى تعمد تشويه أو القصد بنسيان جوانب من حقيقة الأحداث وأهدافها وأبطالها حتى تزور شهادات التاريخ، والقصد هنا هو التحليل العلمي والموضوعي الذى يفند التاريخ بأرقامه وأحداثه وأبطاله وميادين أو مسارح تلك الأحداث، والقصد أيضا هو فهم وإدراك الدلالات الكامنة والخفية أو تلك التي يجتهد المحرفون في إخفائها كلما أمكن، أو تشويهها على أقل تقدير،

 

من هنا كان علينا إعادة قراءة أرقام شهر (يونيه) ذاك الشهر المفتري عليه، أبدًا لم يدخل الجيش المصري في معركة حتى يقال إنها هزيمة وفى أرق التعبيرات التي صاغها الاستاذ (هيكل) إن ما حدث كان (نكسة) وبهذا التصقت النكسة بهذا الشهر المفتري عليه (!) رغم أن من صاغوا أدبيات الحرب وسطروا فنونها بدءا من مينا نارمر أول قائد للجيش المصري أقدم جيوش الكوكب نظامًا وتسليحًا وتدريبًا وفهمًا لفنون الحرب وعلمًا بإدارة معاركها، وانتقالا إلى صن زو، ومن بعده ميكيافيلى صاحب كتاب (فن الحرب) وليس فقط كما يذاع عنه مؤلفًا لكتاب (الأمير) وقريبًا من منتصف القرن الفائت كان عباقرة فنون الحرب والاستراتيجية ومنهم كلاوتز فيتز، وليدل هارت، وجون بوفر وغيرهم ممن ألف وصاغ وفند عن معارك الأرض الأشهر خلال الحربين العالمية الأولى ثم الثانية، وحتى مشارف الحرب الثالثة التي يسمع ضجيج رحاها من آن لآخر – الآن- تارة بيولوجية كما ( الكرونا) وأجيالها المتتابعة، أو تلك الحصارات الاقتصادية وتكتلات العملات الإقليمية وغير الإقليمية، وبالتوازي معها حروب الوكالة ضد العماليق (!) وأهمها على الإطلاق حروب الجيل السادس ( المستحدثة) من خلال كتائب الحرب السيبرانية ومفارز القرصنة وجماعات الأدلجة وتشوية الهويات الوطنية ، وكل تلك معارك بدأت ولم تنتهى ولم تضع أوزارها بعد، فلماذا حكم الآخرين بانتهاء حرب حزيران أو يونيه المفتري عليه خلال الأيام الست الأوائل منه، ولم يعتبرونها معركة في إطار الحرب التي تلتها معارك الصاعقة برأس العش، والمدفعية في رمانة وبالوظة، والبحرية في كل من إيلات وبيت يم وبيت شيفع، حتى اصطياد الدفاع الجوي للطائرة الاستراتوكروزر، ومن قبلها أسبوع تساقط الفانتوم، أليست كل تلك معارك تالية لمعركة يونيه المفتري عليه، فلماذا نردد ما قاله الآخر في كتبه ومؤلفاته عن نصر زائف، وإذا أردنا أن نعتبر أدبياته مرجعًا ومصدرًا معرفيًا، على الأقل لنأخذ كل ما قاله وعموم ما كتبه، فلا يجب أن نغفل مؤلفات مثل (المحدال) للمراسلين العسكريين السبعة المجندين، وهم ( بن يورات، جوناتان جوفين، يورى دان، هزى كارمل، إيلى لانداو، ايتان هابر، ايلى تافور) والذى قالوا فى صدر كتابهم “…

 

لم نكن نعلم سوى أن العائدين من جبهات القتال إما قتلى فى توابيت أو جرحى على حمالات أما أن يعود مع هؤلاء – أيضا- مرضى نفسيون من هول ما رأوه من المصريين فهذا بالأمر الجديد الذى لم نعلمه من قبل” ومع تلك الأقاويل والمؤلفات (الواقع يحطم الأسطورة) لمدير المخابرات الحربية إيلى ذعيرا، و(مذكرات موشيه دايان) لوزير جيش الدفاع، و(حياتى) لرئيس الوزراء جولدا مائير، جميعهم قالوا إن هذا الجندي الذى توهمنا حربه وهزيمته فى حزيران (يونيه) هو ذاته من انتصر عندما واجهناه حقيقة فى كيبور(أكتوبر) إذا لماذا نسمي هذا الشهر هو شهر الهزيمة أو النكسة وهو شهر لم تدور فيه رحى حرب حقيقية، وهو ذاته الشهر الذى انتصر فيه المصريون فى معركة رأس العش بالقرب من بورفؤاد طوال سبع ساعات كانت المواجهة الحقيقية بين الجيشين وانهزمت فى تلك المعركة القوة المعادية على الرغم من تفوقها ثلاثة أضعاف عن القوة المصرية للصاعقة المتواجدة برأس العش، فكانت ثلاثين جندى وضابط من الصاعقة، ومن الآخرين كانت (كتيبة مشاة ميكانيكي وسرية دبابات وسرب طائرات قاذفة)، وجميعهم انهزموا قبل انقضاء ليلة الثلاثين من يونيه، وجميعنا نعلم بأن الحرب معارك وليست معركة واحدة، وهو نفس الشهر (يونيه) الذى أعيد فيه افتتاح قناة السويس عام 1975

… وفى مكان آخر أو ربما أماكن مصر كلها انتصر المصريون فى ذات الشهر (يونيه) وقبل انقضاء يومه الأخير فى الثلاثين من يونيه 2013 عندما أصدروا الأمر التاريخي برفض الوصاية الدينية (الظلامية) وانهاء الحكم الثيوقراطي، واستمرت حرب المصريين تلك لما بعد يونيه (السعيد) إلى الثالث من يوليو – ذاك الشهر الثائر- ومن مكان آخر من منصة وأرض طابور كلية الدفاع الجوى مع تخرج دفعة ضباط جدد أعلن – حينها- وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي عن تفويض الشعب للقوات المسلحة فى مواجهة والتصدي للإرهاب المحتمل وبالفعل وعلى مدار السنوات العشر، عقد كامل من تاريخ إعلان التفويض صدق وزير الدفاع فى مصارحة الشعب بحقيقة الإرهاب الذى واجهه كل المصريين من رجال القوات المسلحة والشرطة المدنية ورجال الأمن والاستخبارات والمدنيين من سيناء شرقًا حتى الواحات غربًا، وانتصر المصريون وصدق وزير الدفاع، بل وكانت بجوار اليد التي تحارب الإرهاب يد أخرى تبنى المستقبل والجمهورية الجديدة، انطلاقًا من هذا الشهر المفتري عليه والذى أظنه الشهر (السعيد) فكما عدلت فيه القٍوات المسلحة أوضاعها وانتصرت فى آخر معاركه فى أكتوبر ، هكذا عدل الشعب المصري من أوضاعه وانتفض وانتصر لإرادته فى ذات الشهر (السعيد).

نهاية.. ونحن نقرأ التاريخ أليس من المنصف أن ننتصر للزمان والمكان وأبطالهما، لشهر (يونيه) 67 و (يونيه) 2013، ولسيناء وكلية الدفاع الجوي التي تعد قاعدة انطلاق التفويض الأشهر والأعظم فى التاريخ الحديث، ولهؤلاء الأبطال (ملازم فتحي عبد الله قائد فصيلة الصاعقة والرقيب حسنى سلامة والشهداء الملازم محمود الجزار والجندي صلاح الدين محمود ومحمد واصل ومحسن البطيح) ومعهم بقية الثلاثين بطل، وأمام التاريخ يجب أن ننتصر لهذا الرجل الذى طلب تفويض وطنه ومعه رجال القوات المسلحة والشرطة الذين انتصروا لإرادة المصريين فى هذا الشهر (يونيه).

عن admin

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *