بقلم-هدي الشريف:
و يعتقد البعض ان تلك الحواري القديمه ف الاحياء الاقدم هي مجرد حوائط معظمها ايل للسقوط , لم يخطر ببال احد ما تحتويه هذه الجدران من احزان هي التي قسمت ظهر الحوائط وجعا , لو تستطيع تلك الاعمدة ان تنطق لصرخت من الالام , واستغاثت بالمارين ان يعجلوا بالانقضاض عليها و تسويتها بالارض لتنتهي تلك الذكريات المؤلمة
نعم انا جزء من هذا الالم الذي امتد علي طوال اربعون عاما , يغزو راسي الشيب هولا كلما تذكرت ما مر بي في تلك الحجرة الجافه اسفل هذا المبني القديم لا اري منها سوي اقدام المارة , ورائحه المجاري و الهواء العطن الكامن في حوائطها و التصق بها كالخفاش حين يلتصق بالوجهه فيمتص الدماء لتقويه علي ا لحياة .
اعتقد ان تلك الغرفه تملك من الروح ما تعاندني به لقد امتصت مني دمائي و اعصابي وقدرتي علي المشي .
منذ سنوات انا حبيس جدرانها ,قهرت قوتي و تغذت هي علي طاقتي , ظلت شامخه لا يقهرها سن و لا عمر يمر و انا كبرت بين حوائطها وحدي , لا يدركني منها سوي المرضي .
اصوات الاطفال التي تاتي الي مسامعي من الحارة , تطمنئ انني مازلت احيا . تهدا من ثورتي ،تبدو كانها ترانيم ملائكيه تهديها لي السماء .
.حتي النوم لا يأتيني الا بعد الفجر حين تبدا الشمس في السطوع و تنير لي تلك الحجرة زاوية واحدة يتسرب اليها الضوء من خلال فتحات اجبارية في الحائط و يسري دفئها في تلك الحوائط الباردة التي تنهش في عظامي .فاغفو
قليلا ..
و تتدفق اقدام المارة أمام تلك النافذة الصغيرة ، تتحرك في سرعه ذهابا وايابا ، لقد اصبحت اميزها جميعا حين تدق ف الارض مهرولة الي رزقها .
في كل صباح يأتي أشعر بأن هو الصباح الأخير لتك المعاناه
طرق علي بابي . تحاملت و بصعوبة شديدة جررت قدماي وسندت علي تلك الحوائط لعلها تقويني حتي وصلت لباب الغرفة لم أكد افتحه حتي رأيت وجهها .
لم تغيرها السنوات الطويله . ربما أذدات شعرها أسفل الطرحة طولا ولكن هي نفس الطيبه و البسمة الهادئه التي كنت افتقدها.
تبسمت في وجهي لم أكن احسب كم مر من الزمن ولم اراها ..
لم تنطق سوي بجمله واحدة وحشتني تعالي وجرت
و لم تسعفني قدماي للحاق بها .
لم ينطق لساني سوي بكلمة . ازاي هجي انا بمشي بالعافية .. تحاملت و عدت الي فراشي لم تفارقني كلماتها
………….وحشتني تعالي ………..
وجدتني علي حافة السرير وتذكرت الحلم
ومددت يدي أتحسس مصحفي و بجواره صورتها ، منذ ان رحلت لم أغير مكانها ، لم يكن لي غيرها، لم يهبها الله الإنجاب ، وتعاهدنا ورضينا بالنصيب ، لكنها رحلت و تركتني
وقت الضيق كنت اصلي و اظل ابتهل الي الله و تتمايل راسي وانا اقرأ القرآن في نشوة تاخذني الي عالم الصفاء و تغذي روحي و يتخلص جسدي من كل الاوجاع .،
بعدها دائما أراها في منامي ، وكان الله يهديني الصبر علي فراقها . و اتذكر بسمتها الهادئة مرسومه في كل ملامح وجهها وأتذكر يداها وهي تدلك قدماي وهي تتمتم بآيات الشفاء وكنت أشعر بدفي يسري ف قدماي يزداد مع قوة صوتها ،،
لم أدرك نفسي الا و انا مستيقظ كلي نشاط وبدون وعي مني نهضت و لم أدرك انني استطيع المشي الا و انا في جلبابي الابيض متوجها إليها .
اليوم قبضه يداها اقوي ، صوتها كله فرح ، مختلفه هي
شدت علي يدي و سرنا سويا والتفت خلفي ، وجدت جسدي
علي حافه السرير و بجواره عصاي ، وقتها أدركت أنني في
طريق العودة معها الي الله .