google-site-verification=e2DmWX0gwfReVFQpzcu4ly1zLPF-RUvuc6uHqoZo_ik

كيف تحول فشلك لنجاح

 كتبت : رنا حسين

يقول شارلز مانز: “إذا أردت أن تحرز مزيداً من النجاح فينبغي أن تمر بالمزيد من تجارب الفشل”، هل تريد أن تكون ناجحاً بقية حياتك؟ هل تريد أن تكسب معارف مختلفة وتتطور وتشارك في الحياة بطرق فعالة، بحيث تكون حياتك حافلة وهادفة؟ إذا كنت تريد ذلك لا محال أن تمر بتجارب فشل. ولا يوجد استثناء لهذه القاعدة، فالنجاح الفائق أحيانا يسبقه الفشل أولاً، ولكن يجب أن يتم النظر إلى الفشل من منظور مختلف تماماً.

يقول الكاتب شارلز مانز في كتابه” قوة الفشل” أن الفشل هو إحدى الكلمات المروعة في اللغة. وفكرة الفشل نفسها تكفي لعرقلة بعض الناس في طريقهم، فمن الممكن أن يدفع الفشل أغلبية الناس أن يكفوا عن العمل ويتراجعوا ببساطة دون حتى مجرد المحاولة. من ناحية أُخرى تعد فكرة النجاح فكرة خيالية بالنسبة لمعظم الناس، حيث يعتقدون أن النجاح مجرد وهم، وأغلب الناس يكرهون الإشارة إليهم على أنهم فاشلون ويحبون أن يعرفوا بأنهم شخصيات ناجحة، فإن أغلب و أعظم النجاحات في الحياة تتحقق من خلال الفشل الظاهري فقط. ونلاحظ أن الشخص عادة هو الذي يحدد نجاحه أو فشله من منظوره وليس من منظور الآخرين.

مفهوم الفشل

لا يُفترض أن يكون الفشل مخيفًا، بل لا بد من النظر إليه على أنه تحدي إيجابي للحياة الناجحة، فالإخفاقات في الوقت الحاضر تحمل في طياتها بذور أعظم النجاحات في المستقبل. والخطوة الأولى لإدراك فن الانتقال من الفشل إلى النجاح هي أن ترى الفشل من منظور مختلف تماماً.

فوائد تجارب الفشل

يقول لا وتسو: “الفشل أساس النجاح، فهو الوسيلة التي يتحقق بها النجاح”. ذات مرة سأل شاب طموح رئيس مجلس إدارة شركة “آي بي ام” وهو توم واتسون، عن كيفية تحقيق مزيد من النجاح، فأجابه قائلاً: إذا اردت أن تحقق المزيد من النجاح فعليك أن تخوض التجارب التي تبدو في ظاهرها فاشلة بشكل لا مجال للتفكير، فنصحه بالتعرض لكثير من مواقف الفشل.

للوهلة الأولى قد تبدو تلك النصيحة غريبة، ولكن بإمعان النظر فيها، يتضح إنها تنطوي على قدر كبير من الحكمة. فينبغي أن لا ننظر إلى الفشل على أنه نهاية المطاف، علينا أن نعتبره مرحلة انتقالية لنجاح أكبر لذلك يجب أن تجرب الفشل من أجل أن تصل إلى النجاح فهل تتوقع أنك ستتعلم دون أن تخطأ؟

تخيل أن موتسارت وبيتهوفن كانا يحاولان تأليف الموسيقى بحذر شديد لدرجة أنهما كانا لا يخطئان أبداً في العزف على البيانو. هل تعتقد أنه كان من الممكن أن يؤلفا مقطوعات موسيقية خالدة إذا تجنبا الوقوع في الخطأ؟ كذلك بيتهوفن تعرض للفشل في إحدى مراحل حياته الموسيقية، أخبره مدرس الموسيقى أنه ليس لديه موهبة موسيقية وعدم كفاءته كمؤلف موسيقي.

كذلك ألبرت اينشتاين لم يكن عبقرياً منذ صغره ولم يعرف القراءة إلا في سن السابعة، ووصفته أساتذته بالمعاق ذهنيا ولكن في النهاية حصل على جائزة نوبل في الفيزياء. الفشل وسيلة قوية لإكتساب المعرفة والتزود بالوسائل اللازمة لتحقيق النجاح والتقدم في الحياة، وهي مجرد تحديات يواجهها الإنسان، فالمشكلات التي تواجهنا يمكن أن نحولها بعد ذلك لصالحنا، فهي تمدنا بفرص للتطور الشخصي، كما يمكنها أن تحفز قدراتنا الإبداعية لإيجاد طرق أفضل للعيش.

تجارب حقيقية

قدم بيل غيتس رئيس مجلس إدارة شركة مايكروسفت وجهة نظر عملية حول الاستفادة من الفشل في إحدى كتبه، وهي “عندما تواجه إخفاقات، لا تدعها تؤثر فيك سلبيا، فهي تدل على حاجتك إلى التغيير، والاستفادة منها”. وبعد ذلك ذكر إخفاقات عديدة مكلفة لشركة مايكروسفت والتي ساعدت في إكتساب المعرفة وأتاحت الفرصة في ظهور العديد من أكبر نجاحات الشركة ومنها الأمثلة التالية:

• سنوات عديدة ضاعت في انشاء قاعدة بيانات غير ناجحة Omega، ولكن نتج عنها أشهر قاعدة بيانات Microsoft Access

• كانت هناك تجربة فاشلة لإنشاء جدول إلكتروني أحرزت تقدما طفيفا بعد برنامج Lotus1-2-3، ولكن هذه التجربة ساعدت في إنشاء برنامج Microsoft Excel، وهو جدول إلكتروني متقدم

من هنا يتضح أن بيل غيتس لديه نظرة عن التعلم بنجاح من العثرات، والتي ساعدته هو وزملائه في تحويل عديد من الإخفاقات المحتملة إلى نجاحات فعالة. مما لا شك أن اقوى دعامات النجاح طويل المدى هي الاستفادة من الأخطاء والتعلم من كل موقفانا، ومن ثم يمكننا التقدم للأمام دائماً وابداً.

استثمار الفشل

كان إدوين لاند مخترع التصوير الفوري ومؤسس شركة “بولا رويد” يحتفظ بلوحة معلقة في شقته مكتوب عليها “الخطأ مجرد حدث، ولكن فائدته الحقيقية لم تتضح بعد بالنسبة لك” هذه الفكرة تكمن في صميم تسخير قوة الفشل. تعتمد إمكانية نجاحنا في الحياة كثيرا على طريقة تفكيرنا. لقد أثبت بحث جوهري أن طريقة تفكيرنا تؤثر على صحتنا وأدائنا للمهام وعديد من المظاهر الأخرى للحياة الناجحة. وفقا لما قاله الدكتور إدوارد جونز عالم نفس بجامعة برنستون، توقعاتنا لا تؤثر فقط في كيفية رؤيتنا للحياة ولكنها تؤثر أيضاً في الواقع نفسه.

التقبل

حاول الاستفادة من الفشل واستغلاله لتحقيق النجاح، عليك أولاً أن تتقبله. عند إنكار الفشل وإختلاق الأعذار تهربًا من تحمل مسؤلية أخطائك، وألقاء اللوم على الآخرين، لأن من خلال نكرانك لموضوع الفشل فإن فشلك سوف يتحقق إلى فشل حقيقي، لأن القبول يساعدك على التعلم مما حدث، وأفضل طريقة كي تتقبل الفشل يجب أن تحتاج إلى:

الذكاء العاطفي:

الذكاء العاطفي له دور كبير في التعامل مع الفشل، كلما كان لديك ذكاء عاطفي، كلما تمكنت من رؤية الفرص وسط المحاولات. يساعدك الذكاء العاطفي على التمييز بين عاطفتك وبين هدفك. لأنك سوف تفصل بين مشاعرك التي تشعر بها وبين الحدث، فمرحلة إعداد أنفسنا للتصرفات المنطقية البناءة ممكن أن يساعدنا كي نحقق المزيد من النجاح في المستقبل. يقول بيل غيتس حول أهمية تحويل الإخفقات إلى نجاحات من خلال التحكم في التفكير لمواجهة الصعوبات، فنجده يقول: الأمر كله يكمن في كيفية التعامل مع الفشل ومن المؤكد الجميع يعلم عن الإخفاقات التي شهدتها شركة مايكروسفت، إن حجم الإخفقات يحبطني بشدة لدرجة تجعلني لا أستطيع القيام بالعمل، ولكن التحديات تثيرني، حيث نستطيع استخدام الأخبار السيئة الحالية لتساعدنا في حل مشكلات المستقبل.

التحكم بنفسك:

بسبب محاولاتك التي لم تنجح، هناك احتمالية أن تفقد القدرة على التحكم في نفسك، فلن تستطيع التفكير بإتزان وقد تكون في حالة غضب وقلق، فهذه الانفعالات السلبية تدفعك لتصرفات بطريقة غير عقلانة كي تتجنب المسؤلية، لذلك لا تسمح لهذه الحالة أن تتحكم فيك وسوف تتعمال مع الخسائر بطريقة مفيدة. عند ترك الانفعالات الداخلية تسيطر علينا، فإننا نعمل بذلك على جعل اضطرابتنا الداخلية المظلمة تحجب النور الداخلي من الظهور مجدداً كما نحجب النجاح الداخلي والخارجي الذي يمكنها ان تقدمه لنا.

تذكر دائماً أن الفشل جزء طبيعي من الحياة اليومية فهي مرحلة انتقالية للنجاح فهي تحدي يواجهه الإنسان وهي أساس الحياة الناجحة، يمكن اكتساب المعرفة منه، ويقدم لنا الوسائل التي تزيدنا قوة وتعمل على تطويرنا وتتيح لنا إمكانية التغيير والتجديد، فالفشل يستطيع أن يقدم لنا أساس تحقيق النجاح عندما نحاول تسخير قوة الفشل بشجاعة وتحدي.

شارلز مانز:

أستاذ إدارة الأعمال بكلية “أيسنبرج” بجامعة ماسشوستس، ومؤلف لكتب كثيرة حققت نجاحاً كبيراً في المبيعات.

عن admin

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *