google-site-verification=e2DmWX0gwfReVFQpzcu4ly1zLPF-RUvuc6uHqoZo_ik

الأحلام والخيال طريق الإبداع

كتب محمد السمان

الاحلام والرغبات كثيرة وكلما حقق المرء حلم ما يتطلع الي ما هو اكبر، كما انه يوجد من لا يستطيع تحقيق ابسط أحلامه لعدة أسباب مختلفة مثل الفقر او المرض او النظام الحاكم علي سبيل المثال، وهنا يأتي دور الفن او يمكن ان نقول ف البداية الخيال ، لان من وجهة نظري أي عمل ابداعي (فني) هو في وقت سابق كان ليس الا فكرة في عقل او خيال صاحبة.

“الخيال اهم من المعرفة” اقر بها اينشتاين، حيث ان المعرفة متاحه للجميع ويمكن الوصول اليها ببعض الاجتهاد، ولكنها ايضا محدودة، وللخيال عوالم عديده وحيوات اخري.

بأختلاف انواع الخيال من خيال ابداعي او تكراري، وبأختلاف الشخصية نفسها، ولكن الخيال ماهو الا محاولة لارضاء النفس وحصول وهمي للمراد.

ماعليك سوي التخيل.. التأمل في كل مايمر عليك، وحينها فقط ستندهش من قدرتك اللامحدوده علي التخيل والابتكار، وستضفي علي كل شئ نظرتك الخاصة وابداعك الشخصي، وهذا مايطلق عليه الفن او الابداع،

وبأختلاف الفنون من الفن التشكيلي، للفنون التعبيرية، والفنون التطبيقية، والغير مرئية وهكذا… كما يوجد فنون اخري مجمعة لعدة فنون علي حد سواء.

وعلي سبيل المثال عند النظر الي معالم الفن في دوله او مجتمع ما، ستلاحظ اختلاف الثقافات ومدي تأثر هذا المجتمع بالفن و استعمال الخيال في حياتهم اليومية، لان اكثر الفنون تعكس الواقع الحي للشخص او المجتمع ككل.

غير ان الاعمال الفنية تعكس بشكل واضح دواخل النفس البشرية، وعمق تفكير الفنان نفسة من خلال التحليل للعمل الفني.

وحين يصل الخيال الي اقصاه وفي طريقة لتحولة للعمل الفني، تكون النفس قد وصلت للحلم او طموح الشخص بشكل مختلف عن التحقيق في الواقع’

وهنا تبرز لنا قضية مهمة جدا وهي !
الفن بين الواقع والخيال !

وتعتبر هذه القضية من أهم القضايا التى تثار دائما فى المجتمع المصرى وهى التى يرفعها اصحاب مهنة ما من المتهمين صناع فيلم او مسلسل بتشويه صورتهم، بسبب تقديم جوانب سلبية لإحدى الشخصيات الدرامية التى تمتهن مهنتهم فى عمل فنى ما.

والغريب ان هذا يحدث رغم التاريخ الطويل للمصريين مع الفن، وتحديدا مع فنون الدراما التى يقول لنا التاريخ إننا كنا من اوائل شعوب الارض إنتاجا للمسرح بالحضارة المصرية القديمة. لكن يبدو ان انتكاسة الحضارة التى عشناها أثرت على فهم الكثيرين لدور الفن الدرامى باعتباره رؤية الفنان عن الواقع وليس الواقع ذاته.

والأهم بل الأخطر هو فقدان هؤلاء المنتقدين مبدأ النسبية الذى يبنى عليه جانب كبير من العقل. فبدون تطبيق قاعدة النسبية سيكون ابناء المجرم مجرمين مثله، واصحاب مهنة فاسدين عندما يفسد احد ابنائها.

وعليه لماذا نحزن إذن عندما يتم تصويرنا فى الافلام العالمية كعرب غير متحضرين إذن؟ القضية هى العلاقة بين الواقع الاجتماعى والواقع الفنى فى الاعمال الفنية. والواقع فى علم الفلسفة يعنى حالة الأشياء كما هى موجودة حولنا، وهى عكس الخيال أو الوهم.

أما فى الفن فالأمر مختلف. وعندما نتأمل جزءا كبيرا من الأفلام والمسلسلات المصرية، سنجدها تحاول أن تحاكى (الواقع) لكى تضفى على نفسها واحدة من أهم سمات العمل الفنى وهى المصداقية. المقصود بذلك أن يثبت أصحاب العمل الفنى إلى أى مدى هم يعبرون عن الإنسان وعن المجتمع الذى يعيشون فيه.

ولإضفاء الإحساس بالواقعية. استخدم المخرجون وفرق عملهم تقنيات فنية تعمق الإحساس بالواقع مثل اللقطات المهزوزة الحركة، أو الصورة القليلة النصوع، أو(الفلو) والإضاءة القادمة من المصادر الطبيعية لمكان التصوير، ووضع ماكياج بسيط للممثلين يعطى إيحاء أنهم لا يضعون أى ماكياج.

وكذلك استخدام بعض تقنيات الفيلم التسجيلى مثل تصوير الوجوه من قرب، أو التصوير فى أماكن حقيقية. وقد ترسخ فى ذهنية المتفرج أن ما يقدمه له المخرج بهذه الطريقة هو الواقع. لكن لا الواقع الاجتماعى هو الواقع بشكل مطلق ولا الواقع الفنى هو الواقع الاجتماعى كذلك. إن كل ما نتصور أنه حقيقة هو جزء من الحقيقة، أى زاوية ما فى النظر.

وبالتالى كل ما يقدم فى الأفلام والمسلسلات هو إيحاء بالواقع الذى هو فى الأساس جزء من الواقع. لماذا يثور البعض إذن ؟. الأمر الأول أننا فى مجتمع مازالت ثقافته الفنية شبه متوسطة. وقد يثار سؤال، كيف يكون الجمهور كذلك رغم عشرات الأعمال المعروضة يوميا للمتفرجين وعشقهم لكلاسيكيات الافلام والمسلسلات؟

كيف لا يفهمون أن الموضوع ماهو إلا رؤى كتاب ومخرجين لجوانب من الحياة ؟ الرد ببساطة هو غياب الوعى النقدي. جزء مهم مما يتربى عليه الطفل فى المجتمعات المتحضرة هو الوعى النقدى والقدرة على تحليل الأمور.

مازلنا فى مصر وبعض الدول العربية نرى النقد (نوعا من السباب) ولا نتحمل أن ينقدنا أى شخص. بالإضافة لافتقاد أخلاقيات النقد من الاساس، فلا يعرف من ينقد الفرق بين نقد أمر ما أو هجاء شخص بعينه، فيسقط أحيانا فى إهانة شخص تحت مسمى نقده، أو يعتمد على شائعات أو أمور وهمية لنقده، أو ينقد شخصه بدلا من ان ينقد الموضوع الذى يهم المجتمع. أما السبب الثانى للخلط هو شيوع التفكير السطحى رغم كل مظاهر المدنية التى نعيشها بمصر. جزء كبير منا أصبح ينظر للأمور بشكل خارجى ومتسرع وانطباعي، لذا مازالت مجتمعاتنا أرضا خصبة لرواج الشائعات، ومازالت سمعة الأشخاص رهن بعض الأكاذيب التى قد يطلقها أحدهم. وسواء كنت فى مؤسسات عامة او خاصة او بين أناس تلقوا أرقى تعليم او الجانب الاساسى منه فقط، فستجد لدينا ثقافة ضخمة للقيل والقال وتطبيق مقولة «لا يوجد دخان بدون نار». ويقل الأمر بالطبع فى بعض المؤسسات المهمة التى تعاقب فورا من يشنع على أحد أو يطلق عليه شائعة غير شريفة.

ولذلك كثيرا ما نجد من يتقدمون بشكاوى اذا ظهر سارق او قاتل منتسب لبلدته او مهنته او شارعه او باسم شبيه باسمه العائلى. والحجة دائما انها ستؤثر على السمعة، ووصل الأمر لخوف سجانات ألا يتقدم الرجال للزواج من بناتهن بسبب الصورة التى قدمت عنهن فى مسلسل مثل «سجن النسا» مثلا. لا ينبع الخوف هنا من وهم، فقد تتعرض بعضهن (للتلسين) من شخص هنا أو هناك مثلا بسبب شيوع هذه الظواهر فى المجتمع.وهذا هو احد الادوار الاساسية التى لابد ان يضطلع بها التعليم والاعلام معا: مقاومة الوهم وتطوير قدرات العقل وترقية الاذواق الفنية.

 

عن admin

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *