google-site-verification=e2DmWX0gwfReVFQpzcu4ly1zLPF-RUvuc6uHqoZo_ik

الفرق بين القلب والفؤاد في القرأن الكريم

كتبت..سلوي محسن

القلب أداة توصِّل الإنسان إلى درجة الإنسانية بها يشعر بالآلام والأفراح الأحزان فهو منبع المشاعر والأحاسيس

كلمة القلب تطلق على تحويل الشيء عن وجهه وكما قال الإمام الراغب الأصفهاني في كتابه غريب المفردات أن قلب الإنسان قد سمي به لكثرة تقلبه بالقلب عن المعاني التي تختص به من الروح والعلم والشجاعة وغير ذلك”، وقد وورد ذكر “القلب” في القرآن الكريم 132 مرة في 14 صيغة هي ( قلب 5 ، القلب 1 ، قلبك 3 ، قلبه 8 ، قلبها 1 ، قلبي 1 ، قلبين 1 ، قلوب 15 ، القلوب 6 ، قلوبكما 1 ، قلوبكم 15 ، قلوبنا 6 ، قلوبهم 68 ، قلوبهن 1 ). وقد ذكر الله سبحانه وتعالى القلب بصيغة الجمع في سورة البقرة: ﴿خَتَمَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ وَعَلَىٰ سَمْعِهِمْ ۖ وَعَلَىٰٓ أَبْصَٰرِهِمْ غِشَٰوَةٌ ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾، فهنا وقع الختم من الله على القلب والسمع والبصر أي أن الله عز وجل حث على حصول العلم منذ بدئ نزول الوحي من أجل أن يفهم الإنسان قدرة الله الذي خلقه في أحسن تقويم فيثبت بذلك قدماه في طريق عبادة الله وحده لذا سورة العلق ابتدأت بالأمر بالقراءة واختتمت بالأمر بالسجود فهذه الثلاثة السمع والبصر والقلب تعد من مصادر العلم أي من سبيل السمع والبصر يصل العلوم إلى القلب فتتولد منه المعاني الرائعة فالقلب محل تكوين العلوم في خاطر الإنسان لذلك قال سبحانه عن تنزيل الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ﴿نزل به الرّوح الأمين﴾ ﴿عَلَىٰ قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ ٱلْمُنذِرِينَ﴾ أي قد نزل بالقرآن الروح الأمين جبريل عليه السلام على قلب خير البشر لأنه علم الهادي والهداية يهتدي به الإنسان إلى معرفة الله ونور الإسلام فأخبر الله هذا العلم رسوله محمد صلى الله عليه وسلم بواسطة جبريل في قلبه قد قال صاحب مفاتيح الغيب في تفسير الآية ﴿خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ﴾ يَدُلُّ عَلى أنَّ مَحَلَّ العِلْمِ هو القَلْبُ وقد استخدم الله كلمة القلب في مكان يدور حوله النقاش عن العلم، كقوله تعالى ﴿لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ ءَاذَانٌ لَّا يَسْمَعُونَ بِهَآ﴾ وفي موضع آخر: ﴿أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِى ٱلْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَآ أَوْ ءَاذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا﴾ فالقلب محل العقل والفقه

وقال الله جل وعلا ﴿كَتَبَ فِى قُلُوبِهِمُ ٱلْإِيمَٰنَ﴾ فهو محل الإيمان والاعتقاد أيضا، وقد يستقر القلب في الصدر كما قال تعالى ﴿أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِى ٱلْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَآ أَوْ ءَاذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا ۖ فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى ٱلْأَبْصَٰرُ وَلَٰكِن تَعْمَى ٱلْقُلُوبُ ٱلَّتِى فِى ٱلصُّدُورِ﴾

الثاني: الفؤاد ورد ذكر ( الفؤاد ) في القرآن الكريم 16 مرة في 6 صيغ هي بعدد المرات ( الفؤاد 2 ، فؤاد 1 فؤادك 2 ، أفئدة 3 ، الأفئدة 5 ، أفئدتهم 3 ) فالفؤاد مشتق من الفأد والذي يعني كما قاله ابن منظور في لسان العرب الشواء فيقولون فأد اللحم في النار أي شواه قد استخدم الله في القرآن الكريم كلمة “الفؤاد” بالاستناد إلى السمع والبصر ﴿وَٱللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّنۢ بُطُونِ أُمَّهَٰتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْـًٔا وَجَعَلَ لَكُمُ ٱلسَّمْعَ وَٱلْأَبْصَٰرَ وَٱلْأَفْـِٔدَةَ ۙ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ فكلمة “الفؤاد تطلق على “إنضاج الشيء فذكر الله الفؤاد لأنه يقوم بعملية التحليل مما يكسب الإنسان من العلوم بطريقة السمع والبصر..
فحينما تعرض الفكرة على الإنسان فإن أول من يتعامل معها بالتفكير وبالبحث هو الفؤاد حتى إذا اقتنع الإنسان بها دخلت إلى القلب واستقرت فصارت عقيدة راسخة وهذا يعني أن الفؤاد هو الذي يستقبل الواقع الجديد في كل أمر يعرض للإنسان وكل أمر يعرض له فإنه يدخل إلى الفؤاد من باب من أبواب الحس كالسمع والبصر حتى إذا عقله الفؤاد وقبله دخل إلى القلب وصار عقيدة راسخة أو إذا رفضه فلم يستقر في قلبه، ﴿وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَىٰ فَٰرِغًا ۖ إِن كَادَتْ لَتُبْدِى بِهِۦ لَوْلَآ أَن رَّبَطْنَا عَلَىٰ قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ﴾
وهذه الآية الكريمة الوحيدة التي جمعت الفؤاد والقلب معاً ونجد ما قلناه عن معنى الفؤاد ومعنى القلب واضحاً جداً فيها فالفؤاد هو مكان التفاعل الفكري الأولي مع الواقع والقلب هو مكان الأفكار والعقائد التي ترسخ في العقل بعد تمحيصها بالفؤاد، ﴿وَكُلًّا نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنۢبَآءِ ٱلرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِۦ فُؤَادَكَ﴾ والتثبيت هنا هو للفؤاد لكي يستقبل الأمور بروية وثبات لأنه معرّض للتأثر بالمعطيات المختلفة كما حدث لأم موسى فهذه الآية من سورة هود جاءت بعد أن قص الله تعالى على رسوله صلى الله عليه وسلم قصص عديد من الأنبياء السابقين وكيف صبروا على ما عانو من المصائب والأذى من خلال دعوتهم أقوامهم ، وفي ذلك (تثبيت لفؤاده) وجعله صابرا على مواجهة عناد الكافرين ولم يرد التثبيت للقلوب بل ورد في شأنها الربط على ما فيها من عقيدة إيمانية لكي تظل راسخة فأن الفؤاد ليس عضواً مستقلاً من أعضاء الجسم المعروفة وإنما هو تفاعلات كيميائية حيوية تحصل في الدماغ عند تفكّر الإنسان في ما تظهر له من أمور…

عن admin

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *