google-site-verification=e2DmWX0gwfReVFQpzcu4ly1zLPF-RUvuc6uHqoZo_ik

المفتي: الاعــتـــــــــــداء على المال العام أفـحش وأســوأ من الاعتداءات على المال الخاص

كتب محمود عبده الشريف : 

أكد الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم إن حفظ المال من المقاصد التي راعتها الشريعة الإسلامية، وقد أمرنا الله تعالى بالمحافظة على المال لأنه قوام الحياة.

 

جاء ذلك خلال لقائه الرمضاني اليومي في برنامج كل يوم فتوى ، الذي يعرض على احدى القنوات الفضائية اليوم الاثنين، مضيفا فضيلته أن ملكية المال خاصة وعامة; فالخاصة هي المتعلقة بآحاد الأفراد، والعامة هي المتعلقة بمجموعهم; بحيث ينتفع بها دون اختصاص فرد معين بها; كالطرق والجسور والمنشآت العامة، وكل من هذين النوعين له حرمة وصيانة; لكن الاعتداء على المال العام – ومنه المرافق العامة للدولة – أفحش وأسوأ من الاعتداء على المال الخاص; فبالإضافة إلى أنه عمل محرم شرعا; فإنه أيضا اعتداء حاصل على مجموع الأفراد، فلا يتوقف أثره السلبي على فرد بعينه، بل يعود على المجتمع ككل.

 

أكد فضيلة المفتي أن عدم الحفاظ على المرافق العامة إفناء للقيم والأخلاق التي لا عوض لها ولا تعدلها قيمة; فهو من الإفساد في الأرض، وقد نهى الله تعالى عن الإفساد وتوعد المفسدين.

 

وشدد فضيلته على أن الله تعالى قد أمر بالمحافظة على المال بعدم إضاعته فيما لا يفيد الإنسان أو مجتمعه، أو يكون وسيلة لإجهاد نفسه أو التسبب بإحداث ما فيه ضرر وتحمل ما هو فوق الطاقة والمقدرة.

 

ولهذا أمر الشرع بالاكتساب والعمل بأنواعه ومجالاته المتعددة التي تعود على الفرد والمجتمع بالخير، وتضمن له ولوطنه الكرامة والعزة، بما يعود على أولادنا الذين هم أمانة غالية في أعناقنا بما يغنيهم ويسترهم ويلبي متطلباتهم.

 

وأشار فضيلة المفتي إلى أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ركز طوال فترة العهد المكي على الإيمان الداخلي للمسلمين فكان ذلك تمهيدا للعهد المدني الذي شهد نزول التشريعات وخاصة بعد استقرار الدولة، فكان عند الصحابة تشوف واقتناع بالامتثال للأحكام نتيجة البناء الجيد لهم كالامتثال عن التوقف والامتناع عن شرب الخمر دون أي إلزام أو إجبار ولكن كان نتيجة قناعات داخلية.

 

وأشار فضيلته إلى حرص الشريعة على تحري الكسب الحلال وكذلك إظهار الرضا الصحيح من العقود والمعاملات، حيث إن العقود الأصل فيها الرضا، لقول الله سبحانه وتعالى: {إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم} بمعنى لا تدليس ولا نزاع ولا جهالة ولا غش، وغيرها من الضوابط والمعايير التي رسختها المذهبية الفقهية وهي الموافقة للشرع الشريف في الحفاظ على المال.

 

وفي سياق متصل قال المفتي إن الجمعيات الخيرية المعتمدة من الدولة محل ثقة ولديها شفافية عالية وقدرات وإمكانيات التوسع والحصر والانتشار، فضلا عن الهمة العالية، تمكنها من استقبال الزكاة والصدقات وتوزيعها بشكل صحيح، فضلا عن أنها تعمل تحت إشراف الدولة، ويجوز التبرع لها بكل اطمئنان.

 

وبشأن سؤال عن هل من الأفضل التبرع لشخص بعينه أم التبرع للجمعيات الخيرية? أضاف المفتي أن الشرع الشريف قد أولى الطبقات المحتاجة والفقيرة عناية خاصة، واهتم بها اهتماما كبيرا، فشرع لهم جملة من الأحكام الشرعية مع اختلاف درجاتها من حيث الإلزام وعدمه، والتي من شأنها سد الحاجة وتحقيق شيء من التكافل الاجتماعي، بحيث يأخذ أغنياء الوطن والمجتمع بيد فقرائه ومحتاجيه; تفريجا لكربتهم ومواساة لحاجتهم.

 

وأشار فضيلة المفتي إلى أن الشرع الشريف لم يكتف بفرض الزكاة، وإنما وسع وجوه الإنفاق ونوع أبواب التكافل والتعاون على الخير والبر، فحث على التبرعات ورغب في الهدايا والصلات والصدقات، حتى يتم الاكتفاء المجتمعي وتوفير صور الدعم والعون في الأزمات; تحقيقا للتوجيه النبوي بأن يكون المؤمنون جميعا كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداع له باقي الأعضاء بالسهر والحمى.

 

وتابع فضيلة مفتي الجمهورية، أن هذه الطوائف المحتاجة في مجملها هي طوائف مستهلكة قابلة للاستهلاك بشكل عام فكلما ملكت مالا استهلكته، ومردود ذلك جيد عند الاقتصاديين لما يمثله من دوران عجلة الاقتصاد فيرتد أثر ذلك على المجتمع بعمومه، ولهذا قال الرسول الكريم: ما نقصت صدقة من مال، فالمعطي وإن كان له فضل العطاء، فإن ثمرة الصدقة تعود إلى المتصدق بدورها، عن طريق دوران عجلة الإنتاج وانتعاش الاقتصاد وحركة السوق، وذلك لب نظرية التشغيل التي نادى بها كبار الاقتصاديين لإعادة دوران عجلة الاقتصاد بعد الكساد الكبير، وهو كذلك ثمرة نظرية الزكاة في الإسلام، عن طريق تزويد الفقراء والمحتاجين بالصدقات بما يخلق لديهم القدرة على الاستهلاك ومن ثم تشغيل عجلة الإنتاج. وأكد فضيلته أن إطعام الطعام للنفس وللأهل وللغير من الأمور المحببة في الشرع الشريف، وخاصة في هذا الشهر الفضيل، مشيرا إلى أن أبواب الخير في رمضان كثيرة، ولعل من أعظمها تعود الصائمين على إفطار غيرهم الصائمين خاصة الفقراء منهم والمساكين ولو بتمرة أو شربة ماء.

 

وعن اختيار البعض لجهات خيرية معينة، سواء رسمية أو خاصة مشهود لها بالنزاهة والخبرة، قال فضيلته: نحن نعطي براحا وخاصة في القرى; فغالبا بعضهم يعلم حال بعض، ومن الحرج والصعوبة إخراجها لمكان آخر، فالأفضل إخراجها للقريب المحتاج، ولكن الحال قد يختلف في المدن والحضر، فالأفضل إخراجها للمؤسسات أو الجهات الموثوق بها التي تقوم بأعمال نافعة للناس، وخاصة إذا لم يكن يعلم المزكي شخصا بعينه يستحقها.

 

واختتم فضيلته حواره بالرد على سؤال عن حكم التبرع على القريب وهل هو أولى فقال فضيلته: للمسلم الخيار في ذلك الأمر; فكلا الأمرين جائز، ولكن الأولى إعطاء الصدقة للقريب المحتاج وفي ذلك التصدق أجران: أجر الصدقة، وأجر صلة الرحم بالمال المتصدق به; فعن سلمان بن عامر الضبي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: الصدقة على المسكين صدقة، والصدقة على ذي الرحم اثنتان: صدقة، وصلة.

عن admin

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *