google-site-verification=e2DmWX0gwfReVFQpzcu4ly1zLPF-RUvuc6uHqoZo_ik

كارثة غياب المسرح الغنائي المصري

بقلم _محمد جمال الدين

إذا أطلق أحدكم بصره الآن وجال ليري الحركة الموسيقية المعاصرة بوجه عام، فهو لن يري أن هناك بلد من البلاد تعرضت حركته الموسيقية لمثل هذه الكارثة كارثة غياب المسرح الغنائي ولمثل هذه الإعاقة الكبيرة، لقد توقف وإختفى المسرح الغنائي المصرى، وأخذ يطلق أغنيته الفردية بديلة للمسرح الغنائى، الأكثر كارثية أن أغلب الموسيقين المعاصرين وافقوا على هذا، واستبدلو المسرح بالفردية “الأغنية الفردية”استبدال تام وفي كل مكان من مصر : السنباطي ، زكريا ، عبد الوهاب ، القصبجي ، وأولادهم : الموجي ، الطويل ، الشريف ، جنيد ، أحمد صدقي ، محمد فوزي ، عبد العظيم محمد ، عبد العزيز محمود ، كارم، بل أنهم أشاعوا تلك الفردية “الأغنية الفردية” حتي نسوا تماما ضرورة المسرح الغنائي، ولم تعد لأحدهم من المسرح سوي بعض المساعي المحدودة جدا، والتي لم يكن من شأنها إستعادة ذلك العملاق “المسرح الغنائي” .

عندما رحل كبيرنا سيد درويش صمت الثلاثي من مدرسته “مدرسة المسرح الغنائى”، أو مدرسة الأربعة المسرحيين :

زكريا أحمد ، داود حسني ، كامل الخلعي ، سيد درويش،

وبعد رحيل سيد درويش لم يتمكن داود أو زكريا من مد المسرح الغنائي بمزيد من الحياة، كما شطح الخلعي مبتعدا عن الهدف الرئيسي وراح يغازل أساليب غناء “الأوبرا” الأوروبية، وهكذا إنفرط عقد المسرح الغنائي وانفتح الطريق على مصراعيه للأغنية الفردية وحدها، ويالها من طامة كبري .

 

والمسرح الغنائي هو العدو الجبار للأغنية الفردية، تلك الأغنية التي من فرط تسيدها قتلت طموحنا للتعدد ، وأحلامنا بالحوار بين أكثر من مطرب، أحلامنا بالأغنية الجماعية حيث اللحن الرئيسي من إنشاد جماعة لا فرد، وقد قطعت رحلة هذا المسرح 100 سنة (أعوام 1830 1930) حتي تبلور المسرح تماما في بلادنا، وذلك بأن قطعت ثلاثة خطوات كبيرة :

1 – خطوة القباني فى القرن التاسع عشر

2 – خطوة سلامه حجازي مطلع العشرين

3 – خطوة العملاق سيد درويش فى القرن العشرين

وكانت الأولي “أحمد أبو خليل القباني” تعني بتقديم الغناء “غناء القدود والموشحات”، والرقص في فصول مستقلة بعد فصول التمثيل، والثانية “سلامه حجازي” تعني بتقدبم الغناء بعد كل فصل تمثيلي عامة، وبعد بعض المواقف التمثيلية الساخنة داخل الرواية أحيانا، والأهم أنها لم تكن منفصلة عن موضوع التمثيل كما كانت عند القباني ، وإنما كانت تعليقاً على ما يدور من تمثيل، والثالثة “سيد درويش” كانت “تلحين” للمواقف الممثلة ولموضوع المسرحية ذاته، وبالتالي إلتحمت الموسيقي بالموضوع تماماً وأصبحت جزء من الموضوع والفكرة المثارة، أخيراً أصبحت الموسيقي تعبير عن أفكار الفنانين والأدباء والشعراء، تعبيراً عن الأفكار الهامة الجارية في مجتمعها، أصبحت تجري هنا لتمثيل موقف أحدهم، ثم تجري هناك لتمثيل موقف آخر مختلف تماماً، بذلك دب الحوار والجماعية في جسد الأنغام المصرية .

كانت نهضة حقيقية ولم تكن كحال أنغامنا اليوم .

عن emad ahmed

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *