google-site-verification=e2DmWX0gwfReVFQpzcu4ly1zLPF-RUvuc6uHqoZo_ik

أغانى المناسبات الشعبية ووظائفها النفسيّة المتّصلة بوضعها الإجتماعي داخل منظومة القيم الجمالية والثقافية

بقلم- محمد جمال الدين

إن أهم ما يميز أغانى المناسبات الشعبية من قيم جمالية وثقافية إرتباطها الوثيق بتقاليد وعادات فئات المجتمع، فهي شعبية بنشأتها وشكلها ومضمونها وفي فكرتهــا وموضوعها، إذ أنها ظهرت من أعماق الشعب معبرة عن حياته وتقاليده وعن ذوقه الفني وفلسفته الجمالية.

كما أنها تتناقل شفوياً من جيل لآخر فأغانى المناسبات الشعبية تمتلك نفس خاصية الأغانى الشعبية بوجه عام، إذ أنها تنقل من جيل لآخر عبر التداول الشفوي، وفي مرحلة الإنتقال من جيل لآخر يترك كل جيل من هذه الأجيال بصماته الخاصة التي ميزت طبيعة حياته في تلك الفترة.

وتخضع أغانى المناسبات الشعبية لتغيرات في شكلها ومضمونها، فكما تم الذكر سالفاً أن كل جيل يترك بصماته الخاصة على أغانى المناسبات الشعبية، وحيث أن الحياة الإجتماعية والتقدم الثقافي لكل جيل يختلف عن الجيل الآخر، فيحدث تغيير في شكل أغانى المناسبات الشعبية ومضمونها، نتيجة لهذه التغيرات وأكثر ظاهرة فى تلك التغييرات، هي التغيرات في نصوص الأغاني بحيث تظهر مواقف وأمور مرتبطة بعادات ومفاهيم الجيل الجديد.

كما تتأثر بعوامل التقدم العلمي والتكنولوجي، بمعنى أن ما أنتجه العلم والتكنولوجيا من آلات موسيقية حديثة، يمكن أن يؤثر مع مرور الزمن تأثيراً واضحاً على شكل أغانى المناسبات الشعبية بوجه عام.

كما أن دور فى ترسيخ القيم والمعارف الثقافية ونشرها، إذ نظمت حياة الإنسان منذ بدايته حصيلة من المعارف والقيم السلوكية وكانت حصيلة ضئيله، أخذت تتضخم وترتقي حتى وصلت إلى ما هي عليه اليوم، ولجأ الإنسان إلى طرق متنوعة لتثبت هذه المعارف والقيم ونشرها، وتعتبر أغانى المناسبات الشعبية وسيلة من الوسائل الهامة عبر التاريخ في سبيل ترسيخ القيم والمعارف المختلفة ونشرها، إذ تعمل أغاني المناسبات الشعبية على ترسيخ القيم ونشرها عن طريق تردادها بين الأونة والأخرى، بذلك القالب الفني الجميل الذي ترتاح له الجماعة الشعبية، فهي توجه الإنسان نحو الخير والوفاء والكرم والشهامة وسائر القيم الخلقية الأخرى .

أيضا لأغانى المناسبات الشعبية وظيفة نفسية وعاطفية، تلجاً الجماعات الشعبية منذ تكونها إلى تراثها لتعبر بواسطته عن أحوالها النفسية والعاطفية المختلفة، فحينما تحتفل الجماعة بحدث من الأحداث السعيدة تعبر عن سعادتها وأفراحها من خلال التراث، يبثونه من خلاله عواطفهم وآمالهم، وأغاني المناسبات الشعبية أكثر تعبيراً عن أحوال الفرد أو الجماعة ..

ولا يمكن إغفال أن لأغانى المناسبات الشعبية وظيفة نقدية وتربوية، إذ وظف المجتمع بعض أغانى المناسبات الشعبية لنقد الأفعال أو القيم السلوكية التي لا تنسجم مع فلسفة الجماعة ومصلحتها، فحينما لم تكن الجماعة ترضى عن ظاهرة سلبية ما فإنها تلجأ إلى التعبير عن إستيائها أو رفضها عن طريقة بعض أغانى المناسبات الشعبية التى تدعو للبعد عن بعض السلوكيات الغير مرغوب فيها .

وتحمل أغانى المناسبات الشعبية جانباً ثرياً في بناء الأغنية الشعبية في كل المجتمعات الإنسانية، كما أن لها أبعاد عقائديّة، حيث إرتبطت بالمعتقدات الشعبيّة عامة بعديد من الدلالات، حيث أنها تتحكّم في حياة الإنسان وإنتمائه، وتسيطر على مختلف تصرّفاته، كما تعتبر قانوناً ملزماً وركيزة أساسيّة لأفراد المجتمع عامّة.

وقد كانت هذه المعتقدات واضحة وجليّة من خلال أغاني المناسبات الشعبية، ومنها المناجاة والدعاء إلى الله، إضافة إلى البسملة والصلاة على النبى، فالشعب المصرى فى عمومه، مجتمع متدين بطبعه، يعلم أنه كلّما ضعفت قدرته وأحاطت به المخاوف إلّا وأمدّه الإيمان بالقوّة والإطمئنان فهو بمثابة الحِصنِ الذي يلجأ إليه المؤمنون .

ولا يمكن إغفال دور الأبعاد النفسيّة لأغانى المناسبات الشعبية، إذ تعتبر أغانى المناسبات الشعبية لون من ألوان التعبير الإنساني، لذا تنعكس تصرفات الإنسان على عواطفه وتقلباته النفسية، التي تبرز مدى حاجة الإنسان إلى الآخرين والإستعانة بهم وكيفية التّعاون فيما بينهم لما في ذلك من مشاركة جماعية.

أيضا هناك بعد إجتماعى لأغانى المناسبات الشعبية، إذ إنعكست الحياة الإجتماعيّة على أغانى المناسبات الشعبية فإرتبطت كامل الإرتباط بالبيئة الجغرافيّة والإجتماعيّة، إذ أنّ الفنّ بصفة عامة أصبح ظاهرة عامة، يواجه بها الإنسان إحتياجاته الشّخصيّة والإجتماعيّة والرّوحيّة، وقد استخدم جميع وسائل التّعبير باللّفظ والنّغمة والشّكل والحرّية، ومعنى ذلك يؤكد تفاعل الإنسان بالمجتمع والبيئة المحيطة به، ويبدأ هذا التّفاعل من خليّة المجتمع الأولى، ألا وهي الأسرة ليشمل المجتمع ككل، وعليه فإن أغانى المناسبات الشعبية قد تناولت البعد العائلي، بإعتباره جانباً من جوانب البناء الإجتماعي والنّواة الأولى في تكوينه، ولقد ركّزت أغانى المناسبات الشعبية على كلّ شخصيّة على حدة، ودرست بنيتها من خلال أغانيها، كما أنّ تلك الأغانى تنبع من صميم الواقع، كما ترجمت أغانى المناسبات الشعبية بوضوح ملامح الحياة فى كل مجتمع على حدة، كما إن إنتشار نصّ تلك الأغانى بعينه بين جماعات بعينها وتقبّلها له، يدلّ على أنّه يحقّق لها وظائف نفسيّة وإجتماعيّة متّصلة بوضعها الإجتماعي الخاص .

عن salwa mohsen

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *