google-site-verification=e2DmWX0gwfReVFQpzcu4ly1zLPF-RUvuc6uHqoZo_ik

حكايات الولاد والارض

جدة الطفل بلال والدة الشهيد محمد جمال الأكشر :” ابنى نطق الشهادة على أرض سيناء” من حكايات الولاد والارض

بقلم- محمد نبيل

خرت السيدة بجبهتها لتراب الأرض فكانت قريبة جدا من سماء ربها، ظلت تناجيه، وترتل ما شاء لها من القرآن، وتجهش بما تكرم عليها من البكاء، حتى إطمأن قلبها وسكنه الإيمان، فرفعت رأسها من سجودها الذى طال إلى أزمنة متتالية منذ حمله، وفصاله، والتصاقه بها، ثم طفولته، فشبابه وصباه، حتى صار رجلا فشاركتها فيه أخرى، وبات الولد والدا، وأضحى الحفيد يتيما من إبنها ولم يزال ابن العام الواحد، ورأت هناك ما رأت (!) عن حفيدها الذى سيصير قبل ان يتم عامه الثانى يتيم الأم التى أبت إلا أن تلازم شريكها الجنة، فهو قد عرج إلى ربه من سيناء وهى لحقت به من عرفات، فأطمأنت الأم، وهدأ الفؤاد – الذى ظل فارغا أو ملأه الفراق آلاما – إذ شاهدت منازل حبيب قلبها، كان سجودا تلقائيا، فور سماعها خبرا تردد فى خلايا قلبها قبلما يلقونه بألسنتهم من حولها على أسماعها، كانت السيدة قوية، مدهشة فى قوة صبرها، حتى إنها كانت تربت على كتف هؤلاء الصبية الفتيان وتهدأ من روعهم، تبتسم، وتتعالى ضحكاتها الدامية، وهم يبكون فراق أخيهم ذرفا بماء الدمع، كانت تعلم من ربها، الذى لطف بقلبها كما فعل بقلب أم موسى الذى سار إلى مجهول طمأنها ربها عليه، وكذا ربط على قلب تلك السيدة – الجبل – فاستمعت لحوارات حفيدها مع والديه كأنهما لم يرحلا عنه، وشاهدت ببصيرة اليقين ضى عينها إلى منتهى ما سار إليه هذا الضى، وليدها، … هناك، … عند الله.
تحكى البطلة السيدة ماجدة سعد على سليمان والدة الشهيد محمد جمال عطية محمد الأكشر:”… كنت مدرسة رياضيات بمدرسة طوخ الثانوية بنات وحالياً إسمها مدرسة الشهيد خالد المغربى، ولقد أكرمنى الله سبحانه وتعالى بزوج ونعم الرجال: جمال عطية محمد الأكشر كان موجه أول لغة عربية، ورزقنى سبعة أولاد أربع ذكور، وثلاثة بنات: منى، مها، محمد، منال، مصطفى، والتوأم عمر وعبدالله، من غضل الله ومنه على، وتبدأ حكاية الشهيد محمد التى أرويها وأكتبها بدمع عينى وقلبى المشتاق لرؤيته والحديث معه، والذى رغم إيمانه بقضاء الله إلا أن الحزن ظل ساكنا فيه، ومن قبلى قال سيدى رسول الله صلى الله عليه وسلم وبارك : إن القلب ليحزن والعين لتدمع وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون، وقصة حياتي مع إبني محمد حبيب قلبى أصبحت تتركن إلى عشمى الوحيد أن يتقبله الله تعالى شهيداً فى سبيله، … ولد محمد في يوم الأربعاء السابع من شهر يونية ١٩٨٩ فى الساعة الثامنة والنصف مساءً، كان حمله حملا خفيفا، بفضل الله تعالى، ولا أبالغ فيما أقل، وتربيته سهلة، وكان مرحا، متواضعا،ً حنونا، وكان بفضل الله تعالى نعم الإبن البار، وحتى لآخر لحظة غى حياته كما شهدها كل من حوله – حينها- في لحظة استشهاده، يا رب عندما اتصلت على تليفونه، قال له صاحبه أحمد راضي ربنا يتقبله أيضا من الشهداء في سبيل الله تعالى: والدتك إللي بتتصل يا محمد، فرد عليه قائلاً : ما تردش، علشان ما تخضهاش، أنا خلاص بموت يا أحمد، ولم يشأ حينها أن يفجعنى فيه، فكان حريص كل الحرص على يبقى بارا بى حتى وهو يرحل عن الدنيا، ثم ردد الشهادتين ثلاث مرات، وهو مبتسماً، كما ذكر صاحبه ملازم احمد راضى،… دخل إبنى محمد مدرسة السد العالى الابتدائية بطوخ – قليوبية، وبعد ذلك مدرسة طوخ الإعدادية بنين، ثم مدرسة طوخ الثانوية بنين، والتي أصبحت بإسمه: مدرسة الشهيد محمد جمال الأكشر، ثم التحق بالكلية الحربية سنة ٢٠٠٦ م وتخرج سنة ٢٠٠٩ الدفعة 103 حربية، وكان من صغره مداوم على الصلاة فى المسجد، وهو فى المرحلة الابتدائية كان يصلى الفروض الخمس فى المسجدـ ولو مرة لم يجد من يخرج معه لصلاة الفجر من الكبار سواء والده أو أحد أخواله علشان كانوا معانا فى عمارة واحدة، كان يبكى ويقول لى: يا ماما ما تخافيش على، ها روح أصلى، وأجى على البيت بسرعة، بس كنت بخاف عليه أوى إنه يخرج لصلاة الفجر لوحده، وكان فى رمضان يختم القرآن مرات، ويداوم على صلاة التراويح والتهجد والاعتكاف، وكنت دائما أتمنى أن أموت أنا وأولادى السبعة شهداء فى سبيل الله تعالى، وكنت أقول لهم: أدعوا دايما نكون شهداء فى سبيل الله تعالى، واذكرهم وأقول لهم: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وبارك: ” من سألَ اللَّهَ الشَّهادةَ صادقًا بلَّغَه اللَّهُ منازلَ الشُّهداءِ وإن ماتَ علَى فراشِه ” وكانت وصيتى لإبنى محمد عند دخوله الكلية الحربية ووظلت تلك الوصية أرددها له بعد تخرجه: إياك والكبر يا محمد يا إبنى، عامل من هو أدنى منك كما تحب أن يعاملك من هو أعلى منك، وأذكره بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وبارك: ” لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه “، وقد كان ولله الحمد، بشهادة الكل حتى المجندين الذين خدموا معه، كانوا يشهدون له بحسن الخلق والتواضع ورقة القلب، وكان يا حبيب قلبى مصلى وصواما، وأحياناً يصوم يومى الاثنين والخميس والأيام القمرية, ومن صغره كان فى سنة ثالثة إعدادى كان يدعى ربنا إنه يدخل الكلية الحربية، وإللي حببه فيها والده الله يرحمهم جميعا، وكان يحب يحكى معايا، ويحكى لى عن حياته مع أصحابه ومعارفه، كنت صاحبته وأمه، كان … ويؤلمنى أن أقول كان … ولكن قدرالله وما شاء فعل، الحمد لله على كل حال، وكان محمد حبيب قلبى زى إخواته بفضل الله تعالى بارين بوالديهم، وكان يرتاح للكلام معايا، وكان حنين اوي اوي اوي، … الحمد لله على كل حال، ولما راح العريش ما عرفنيش، عشان ما أقلقش عليه، فلما حصل ضرب العريش الأول للكتيبة ١٠١ يوم ٢٩ / ١ / ٢٠١٥ فوجئت بإخوته التوأم عمر وعبدالله دخلوا على، وقالوا لى: يا ماما ادعى لمحمد، عشان بصراحة هو فى العريش، وحالياً فيها حرب زى حرب أكتوبر، فرفعت يدى وقلت: فالله خير حافظا وهو أرحم الراحمين، اللهم اكفي إبنى محمد شر الأسر والإصابات صغيرها وكبيرها، ولقد استجاب ربى دعوتى، ولأنه قد قرب الأجل لم يخطر ببالى أن أدعوا له سوى بهاتين الدعوتين، ولم أدعوا له بطول العمر فالحمد لله على كل حال، فلما نزل من العريش وجاء بيتنا هو وزوجته سارة وابنهما بلال حبايب قلبى، قلت لهم: قبل أن أسلم، إسجد شكراً لله، علشان ربنا نجاك، ورجعت لنا بالسلامة، يا حبيب قلبى، وحكى لنا: إنه فى يوم ضرب العريش تعرض للموت ثلاثة مرات، وربنا سبحانه وتعالى نجاه ولله الحمد، وفى آخر اجازة له قبل استشهاده، يا ربى، عرف باستشهاد صاحبه الشهيد محمد فؤاد، وكانت نفسيته تعبانة جداً، علشانه، وبقوله: إنت ندمان يا محمد يا إبنى علشان دخلت الكلية دية؟ فرد مسرعاً: لأ طبعا، ولما سافر آخر مرة، كنت كالمعتاد، بقوله دعاء المقيم للمسافر:” استودع الله دينك، وآماناتك، وخواتيم أعمالك، زودك الله التقوى، وغفر لك، ويسر لك الخير حيث ما كنت ” وبعد كدة بتواصل معاه بالتليفون لحد ما يقول لى: خلاص يا ماما الحمد لله وصلت، وفي يوم استشهاده يا ربى يوم ٢٤ / ٣ / ٢٠١٥ وفى التو والحال كنت بدعى له، وحدثنى قلبى عن إبنى كثيرا وإنشغلت عن الدنيا كلها به، ودارت فى خلدى كل تفاصيل حياته، كأنها شريط سينما يمر أمام عينى، ووجدت – سبحان الله – أن الجو فى هذا اليوم جميل جدا، والشجر أمام بيتنا مثمر وورقه أخضر وجميل أوى، ولأول مرة منذ زراعته من سنوات طويلة لم يثمر فى هذا التوقيت ابدأ، ولكن سبحان الله، وكأنها كانت لى بشرى، ولله الحمد، فقلت: الله، الجو جميل أوى النهاردة، مش على عادته، والشجر مثمر وجميل، وقلت لنفسى: أتصل بمحمد أطمن عليه، ومن عادتى علشان شغله طبعا حساس جداً، فكنت أرن عليه مرتين أو تلات رنات وأقفل التليفون، فلما قفلت الإتصال، وجدت على تليفونى كالمعتاد كلمة، (إنهاء … محمد) ‏فإنقبض قلبى، قبضة لم أحسها من قبل إطلاقا، ولكن صبرنى الله، ولله الحمد، وقلت الحمد لله لا تشاؤم ولا طيرة فى الإسلام، وقمت أنفض عن نفسى حمل التفكير السىء المميت لقلبى، ولكن، وكأن شيئا ما قد قسم ظهرى، حتى ظللت وكأننى راكعة، لوقت الله أعلم بمدته، وكنت كأننى تايهة، وكأن عقلى مش معايا خالص، لدرجة إننى نسيت إنى إتصلت على محمد من الأساس، وحصل كذا، وكذا، المهم فقال لي إبني مصطفى: يا ماما بلاش تشتغلى فى شغل البيت ريحى نفسك، إنتي مش حاسه بنفسك، ده إنتي كأنك راكعة، وإنتي ماشية!، فقلت له: معلش يا ابنى، سيبنى اشتغل قبل أختك منى ما تيجي، والحقيقة اننى كنت خائفة من الإنفراد بنفسى، ومتوجسة من شىء ما يدور بعقلى ويصرخ به قلبى، فأردت أن أشغل نفسى تماما عن كل ذلك، ثم بدأت فى ترتيب خزين المطبخ، وفوجئت بيد مصطفى على كتفى، وبيقول لى بصوت خافت: سيبى يا ماما دلوقتى اللى فى إيدك يا أمى، فرديت وأنا ظهرى له، وصوتى كأنه رايح خالص: معلش سيبنى دلوقتى أكمل يا ابنى، فعاد على الكلام، وقال لى: سيبى اللى فى إيدك دلوقتي يا حبيبتى، وتعالى أنا عايزك، فنظرت، فوجدته هو وإخواته التوأم عمر وعبدالله الثلاثة يكاد لم أرى في وجههم نقطة دم، ولونهم رايح، فقلت لهم: فى حاجة؟ قالوا لى: أيوة! قلت لهم: محمد؟! وتسألت عينى بأسألة كثيرة كلها تعنى: طمنونى ! أنا ملهوفة من الصبح على محمد، هو فيه حاجة؟ صح؟، لكن شيئا من تلك الكلمات لم يخرج من فمى وفقط دار الحوار مع أولادى بالعين فقط وبصمت موجع يملؤه الصراخ ويفجعه الفراق، … قال لى مصطفى: أيوة، محمد يا ماما استشهد، فقلت: الحمد لله، إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرنا فى مصيبتنا وأخلف لنا خيراً منها، اللهم تقبل ابنى محمد حبيب قلبي من الشهداء فى سبيلك، وسجدت أشكر الله، وادعوا لابنى محمد حبيب قلبى ونور عينى أن يرحمه الله ويغفر له ويسكنه الفردوس الأعلى من الجنة بغير حساب ولا سابق عذاب وأن يتقبله من الشهداء فى سبيل الله تعالى، فإذا بابنتى منى دخلت علينا، فوجدت إخوتها، الكل غريب الشكل وحركاتهم تنم عن شىء، فقالت: لهم فى حاجة؟ قالوا لها: لأ مافيش!، فقلت لها: يا منى، يا حبيبتى، أه فيه حاجة !، محمد أخوكى، ربنا يتقبله من الشهداء فى سبيل الله تعالى، وفى أعلى مراتب الشهادة، فبدأ كل واحد منهم الأربعة ينهار فقلت لهم ما: ينفعش كدة، إللي بيحب محمد دلوقتى لازم ينسى نفسه وإحساسه بالفراق والفقد، محمد دلوقتي محتاج لدعواتنا مش بكاءنا، وكانت بناتى مها ومنال فى السعودية واتصلوا بى وهم وازواجهم منهارين، قلت بالله عليكم اللى بيحب محمد ينسى نفسه دلوقتى ويدعى له، هو ده اللى هينفعه دلوقتي، وبعد كدة، بدأت الناس تيجي للعزاء، وكنت بفضل الله تعالى أصبرهم، لأنهم كانوا يبكون بحرقة، فكنت أقول لهم: إنتم منهارين عشان حطين نفسكم مكانى، وده غلط لازم تعرفوا إن ربنا سبحانه وتعالى لما بينزل البلاء بينزل معاه لطفه، ورحمته بفضله، عشان كدة الحمد لله رب العالمين، أنا صابرة، وأنتم لأ، لأن البلاء ما نزلش عليكم، فما فيش فيه لطف، وجت زوجته سارة حبيبة قلبى ووالدتها وإخواتها، وكانت سارة منهارة جدا فقلت لها: لأ يا سارة يا حبيبتى، ما ينفعش كدة، إحنا بفضل الله تعالى مؤمنين بالله، ولازم نصبر يا حبيبتى، واللى ينفع محمد حبيب قلبى دلوقتي الدعاء، فسبحان الله كانت ونعم زوجة الإبن، ربنا يرحمهم جميعا فسمعت كلامي في التو والحال، حكى لى الرائد أحمد عشماوى صديق وأخ إبني محمد، وهو كان اتنقل من سيناء من منطقة الخروبة وكان بديله إبنى محمد وكانوا الاتنين من سلاح المدفعية وأحمد طلب من قائد الجيش يفضل فى سيناء رغم وصول البديل له وهو محمد لانه عايز يخدم فى سيناء مع زميله محمد ، كانوا أكتر من اخوات، وقال إن محمد قبل استشهاده بليلة صحى زمايله كلهموسلم عليهم واحد واحد وفضل يحكى معاهم ويضحك معاهم، وحضر الفطار وفطروا كلهم مع بعض، ولما خرج لمداهمة وهو كان شديد الرغبة فى الاشتراك فى كل المداهمات، ولما خرج الساعة العاشرة صباحا انفجر لغم بمدرعته خلد اسمه فى صفحات الوطن، وارتقى به شهيدا لربه، وسمعه وهو يردد الشهادة ثلاثة مرات، محمد حبيب قلبى كان بفضل الله تعالى بار بوالديه، وغيور على نسائه، زوجته وإخواته البنات، وعطوف جدا عليهم، وسيرته بين أهله وأصحابه وجيرانه سيرة طيبة، وكان حنين أوى على الكل، وخدوم جدا، وبيسأل عن الكل، ويصل الرحم، ربنا يجعله في ميزان حسناتك يا محمد يا حبيب قلبى، يا إبنى،… ‏وعلى العصر – تقريبا – تذكرت رنتى وإتصالى بإبنى قبل استشهاده، فقلت للناس اللى كانوا موجودين: أكيد رنتى دية، كانت آخر رنة، علشان أنا حسيت لحظتها بقبضة فى قلبى لم أحسها من قبل، ‏فالحمد لله، لقد صبرنى الله تعالى، حتى إن إخوته كانوا يقولوا ويسألوا : هل بأحس بحرقة فى قلبى؟ فكنت اقول لهم: سبحان الله، أنا لا أحس بهذا الإحساس بالمرة ولله الحمد، ‏ثم ذهبتت مع إبنى مصطفى وبنتى سارة زوجة محمد ووالدتها وأخوها والبعض من الأهل لنستقبل محمد إبني من بوابة الإسماعيلية، والله المستعان على هذا الأمر،‏ وقال لى مصطفى: ملعلش يا ماما، ما حدش ها ينفع يركب مع محمد عشان تقريباً ممكن يكون فى لواء أو أى رتبة، فقلت له: ماشى، يا إبنى، وبعد كدة، كل شويه ألاقى عربية إسعاف تمر جنبنا، أقولهم: هى دية؟ يقولوا لى: لا، وبعد كدة، قالوا لى: هى دية، وجريت، ووقفت أمام عربية الإسعاف، وفردت ذراعى، ووقفت العربية، فجريت على الباب الأمامى، وفتحت الباب، ونزلت على بيادة الضابط اللى كان جالس فى المكان ده، وقبلت بيادته، فنزل جرى، ‏وقال لى: يا أمى؟ قلت له: استحلفك بالله يا إبنى، أركب مع إبني محمد حبيب قلبى، للمرة الأخيرة، ويعلم ربنا إنى ولله الحمد صابرة ومحتسبة من أول لحظة يا إبنى، فقال لى: أنا جاركم يا أمى، على قدرى، وركبت معاه، حتى وصلنا إلى مشتهر البلد، اللى فيها مقابر العائلة، ووجدت البعض يصرخون فقلت لهم: محمد بريء من الأفعال دية، لأنه موصى إن ما حدش يصرخ، ولا أى شىء يغضب ربنا سبحانه وتعالى، وهو يا قلب أمه، كأنه كان عارفـانه ح يجى يومه ويستشهد، فكان كاتب وصيته وهو فى الثانوى، لما وجدنى كتبت وصيتى، فكتبها هو كمان، ثم صليت معهم صلاة الجنازة،… وما أدراكم ما صلاة الجنازة على الإبن!!! … والله المستعان، الحمد لله قدر الله وما شاء فعل، ثم رجعت، وقد فارقنى إبنى، وحبيب قلبى محمد قرة عينى …
وكتمْتُ آلام الحنين فأفصحَتْ … عيني وأنطقها الفؤادُ بأدمعى
الكلُّ يسمع فى الوداع حنيننا … لكنّ أصدقه الذي لم يُسمعِ
ورجوتُ عينى أن تكفّ دموعها … ‏يومَ الوداعِ نشدتُها لاتدمعي
‏أغمضتُها كي لاتفيضَ فأمطرت … ‏ايقنتُ أنّى لستُ أملك مدمَعى
‏ورأيتُ حلماً أننى ودَّعْتُهم … ‏فبكيتُ مِن ألم الحنين وهُم معي
‏مُرٌ عليَّ بأن أُودّعَ زائرًا … كيفَ الذين حملتُهُم في أضلُعي ؟!
رحمة الله عليك يا قرة عينى، يا محمد يا حبيب قلبى، يا إبنى، اللهم يا ذا الجلال والاكرام يا حى يا قيوم برحمتك استغيث، اللهم تقبل ابنى محمد حبيب قلبى شهيدا في سبيلك وفي أعلى مراتب الشهادة وزوجته وايانا وكل مشتاق للشهادة في سبيل الله تعالى يا رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله آمين.
ولحقت إبنتى سارة حبيبة قلبى الغالية بزوجها، إبنى، محمد حبيب قلبى، بعد ستة أشهر، ربنا يرحمهم جميعا، فقد كانت ذهبت للحج مع أبو محمد الله يرحمهم جميعا ووالدينا وموتانا جميعا، ثم عانت من ارتفاع شديد بدرجة الحرارة، وتعبت أكتر فى يوم وقفة عرفة، ونقلت بعد كدة للمستشفى، ثم توفاها الله، فى هذا اليوم كنت حاسه بيها وحاسة إن الدنيا كأنها مقفولة وقولت لبلال وكان عمره سنة وثمانية أشهر الله اعلم يا حبيب قلبي إيه إللى يصلحك، وكأنى خلاص وثقت أنها ماتت، ثم جاءنا الخبر، ونزل على كالصاعقة، وكأن دمى جف فى عروقى، حتى إن لسانى يتحرك بالعافية، يا رب إحنا ساعة محمد حبيب قلبي كنا بنقول الحمد لله إن محمد مش سارة علشان بلال !!، لكن قدر الله وما شاء فعل، جاء الخبر، وكأنه أنزل الستار فى وجهنا، فنظرت لبلال حبيب قلبى، وقلت له: لك الله يا حبيب قلبى، وهو ينظر إلى وكأنه يستفسر عما حدث، وبعد كدة، ربنا يبارك له مصطفى إبني ويبارك للجميع أخذ بلال وخرج به حتى لا يعيش مثل هذه اللحظات، ومن هذه اللحظة، وهو يقول بلال ابنى، محمد وصاني عليه، واستأذن اخواته التوأم إن بلال يقول له بابا والكل بارك على كلامه ومش بس كده ربنا رزق بلال حبيب قلبى بجدته والدة أمه، ونعم الجدة، ونعم الأم، وبقى بلال حبيب قلبى، يقول لجدته: ماما، ولمصطفى: بابا، ربنا ينبته نباتاً حسنا وذرياتنا ويجعله ذخراً للإسلام والمسلمين وكل حبايبنا يا رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله، آمين”.

عن admin

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *