google-site-verification=e2DmWX0gwfReVFQpzcu4ly1zLPF-RUvuc6uHqoZo_ik

أثار وسلبيات زراعة التبغ وأزمة الغذاء العالمية

كتبت- فريدة فهمي

بات التبغ آفة تؤثر بشكل رئيسي على جميع دول العالم وأحد أكبر التهديدات الصحية التي تواجه العالم حيث يقتل أكثر من 8 ملايين شخص سنويا، أي ما يعادل15 شخصا كل دقيقة، وشخص كل 4 ثواني، بسبب تعاطيه أو التعرض لدخانه، ورغم الجهود الكبيرة التي تبذلها منظمة الصحة العالمية، للحد من انتشار التبغ ومختلف منتجاته، إلا أنه لا يزال ينتشر بشكل كبير وينمو سنويا بمعدلات كبيرة جدا.

 

وحذرت منظمة الصحة العالمية، دول العالم من التوسع في زراعة محاصيل التبغ القاتلة، لأن زراعة التبغ لها الكثير من العواقب البيئية والاقتصادية والصحية، وطالبت بالتوسع في دعم ومساعدة المزارعين على زراعة الغذاء بدلا منه، وتشجيع زراعة محاصيل غذائية مستدامة تعود بالنفع على المزارعين والمجتمعات والبلدان، في ظل انتشار الجوع في جميع أنحاء العالم.

 

تفاقم أزمة الغذاء بسبب التوسع في زراعة التبغ

ووفقا لمنظمة الفاو، كان أكثر من 768 مليون شخص يعانون من نقص التغذية في جميع أنحاء العالم في عام 2021، ارتفاعا من 618 مليونا في عام 2019، وأدى وباء كورونا إلى تفاقم أزمة الغذاء العالمية، والتي ازدادت حدتها بعد ذلك بسبب الحرب في أوكرانيا، وهناك 349 مليون شخص يواجهون انعداما حادا في الأمن الغذائي حاليا، والكثير منهم في حوالي ثلاثين دولة في القارة الإفريقية، حيث زادت زراعة التبغ بنسبة 15% خلال العقد الماضي.

 

ويستخدم 3.2 مليون هكتار من الأراضي الخصبة في 124 دولة لزراعة التبغ القاتل، حتى في الأماكن التي يتضور فيها الناس جوعا، بحسب مركز إعلام الأمم المتحدة، وتنفق الحكومات في جميع أنحاء العالم الملايين لدعم مزارع التبغ، لذا ترى منظمة الصحة العالمية، أن اختيار زراعة الغذاء بدلا من التبغ سيسمح للعالم بإعطاء الأولوية للصحة، والحفاظ على النظم البيئية، وتعزيز الأمن الغذائي للجميع.

 

وهناك 9 دول من بين أكبر 10 بلدان تزرع التبغ، هي بلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، وتفاقم زراعة التبغ تحديات الأمن الغذائي التي تعاني منها هذه البلدان من خلال شغل الأراضي الصالحة للزراعة، كما تعاني البيئة والمجتمعات التي تعتمد عليها، حيث يؤدي توسع المحصول إلى إزالة الغابات وتلوث مصادر المياه وتدهور التربة.

 

وقال الدكتور روديجر كريتش، مدير تعزيز الصحة بمنظمة الصحة العالمية، إن الأهمية الاقتصادية للتبغ هي أسطورة نحتاج بشدة إلى تبديدها، فمحصول التبغ يساهم بأقل من 1% من الناتج المحلي الإجمالي في معظم الدول التي تزرعه، وأن الأرباح تذهب إلى الجهات الرئيسية المصنعة للسجائر في العالم، بينما يزرع المزارعون تحت عبء الديون المتعاقد عليها مع شركات التبغ.

 

أكثر من مليون طفل يعملون في مزارع التبغ

وتحصر صناعة التبغ المزارعين في حلقة مفرغة من الاعتماد والمبالغة في الفوائد الاقتصادية للتبغ بوصفه محصولا نقديا، ومزارعو التبغ يجدون أنفسهم معرضين للتسمم بالنيكوتين ومبيدات الآفات الخطرة، بجانب الآثار الكارثية التي تطال المجتمعات في مناطق زراعة التبغ، حيث يقدر أن 1.3 مليون طفل يعملون في مزارع التبغ بدلا من الذهاب إلى المدرسة.

 

وإنتاج التبغ العالمي ينتقل إلى البلدان النامية، ولكن ربحيته آخذه في الانخفاض بما يؤثر على دخل المزارعين وفي هذا السياق تمثل الاتجاهات الراهنة في سوق الأغذية العالمية فرصة للبحث عن بدائل لزراعة التبغ مستدامة اقتصاديا، وخصوصا لأن محاصيل التبغ تقوض الأمن الغذائي.

 

مصر تكافح زراعة التبغ

تتعارض زراعة التبغ مع سياسات مكافحة التدخين والحد من استهلاك المنتجات التبغية، التي تتبناها مصر كدولة موقعة على الاتفاقية الإطارية لمنظمة الصحة العالمية بشأن مكافحة التبغ، وتهدف هذه الاتفاقية إلى حماية البيئة وصحة الأفراد من الآثار الضارة للتبغ والدخان، والتي تشمل الإصابة بأمراض القلب والسرطان والتنفسية وغيرها.

 

وتحظى مصر بتقدير دولي لجهودها في مكافحة التبغ، حيث حصلت على جائزة منظمة الصحة العالمية للامتناع عن التدخين في عام 2019، نظير تطبيقها لبرنامج MPOWER، وهو مجموعة من ست تدابير فعالة للحد من الطلب على التبغ، وهي مراقبة استهلاك التبغ وسياسات الوقاية منه، وحماية الناس من دخان التبغ، وتقديم المساعدة للإقلاع عن التدخين، وتحذير من مخاطر التبغ، وحظر الإعلانات والترويج والرعاية للتبغ، وزيادة الضرائب على التبغ.

 

ويؤكد المهندس أشرف بكري الخبير الزراعي، أن نبات التبغ لا يحقق مردودا اقتصاديا كبيرا للمزارعين، حيث أنه يحتاج بعد الزراعة إلى تكنولوجيا عالية لصناعة إنتاج المحصول تسمى بالتعطين، وهي عملية تجفيف وتخمير الأوراق لإعطائها النكهة واللون المطلوبين، وهذه العملية تتطلب معدات ومرافق خاصة غير متوفرة في مصر.

 

كيف تتسبب زراعة التبغ في تفاقم أزمة الغذاء؟

وتستهلك زراعة التبغ مساحة كبيرة من الأراضي الزراعية، التي يمكن استغلالها في زراعة محاصيل إستراتيجية أخرى مثل القمح أو الذرة أو القطن، والتي تساهم في تحقيق الأمن الغذائي والصناعي للبلاد، كما أنه يؤثر أيضا سلبا على البيئة، حيث يستخدم كميات كبيرة من المبيدات والأسمدة الكيماوية، التي تلوث التربة والمياه الجوفية والسطحية، كما ينقل بعض الأمراض الفيروسية، مثل فيروس التبغ المجهري، وفيروس التبغ المزدوج.

 

وتتسبب زراعة التبغ في زيادة استهلاك المنتجات التبغية، وانتشار التدخين بين الفئات العمرية المختلفة، وخاصة الشباب والنساء، بالإضافة إلى زيادة الإصابة بالأمراض المرتبطة بالتدخين، وارتفاع معدلات الوفيات والعجز والتكاليف الصحية، وتدهور جودة الأراضي الزراعية، وانخفاض إنتاجية المحاصيل الأخرى، وتلوث الموارد المائية.

 

ويتم إنتاج أكثر من 6 مليون طن من التبغ سنويا، وتعد الصين أكبر منتج للتبغ في العالم بحجم إنتاج يصل إلى أكثر من مليون طنا سنويا، وتأتي الهند في المرتبة الثانية، بإنتاج 761318 طن سنويا، تليهما البرازيل ثم الولايات المتحدة وإندونيسيا، فيما تعد مالاوي الأولى عالميا في إنتاج التبغ البرلي.

 

أسباب منع زراعة التبغ في مصر

يمنع زراعة التبغ في مصر لعدد من الأسباب، وذلك بعد تحذير معهد بحوث أمراض النباتات التابع لمركز البحوث الزراعية من خطورته على التربة، بحسب الدكتور على إبراهيم الخبير الزراعي، ونوضح الأسباب فيما يلي:

 

ينقل نبات التبغ بعض الأمراض الفيروسية التي تهدد باقي أفراد العائلة النباتية والتربة.

لا توجد خريطة زراعية في مصر لزراعة التبغ، بسبب الظروف المناخية غير الملائمة.

زراعة التبغ ليس لها مردود اقتصادي ولا تحقق مزايا اقتصادية، وتحتاج إلى تكنولوجيا عالية لصناعة إنتاج المحصول تسمى بالتعطين.

زراعة التبغ ممنوعة منذ فترة حكم محمد علي بعد توقيعه معاهد مع اليونان.

رفض زراعة «التبغ» فى مصر، تستند إلى القرار الوزاري رقم ٥٤ لسنة ١٩٦٦ بقصر استنباط التبغ أو زراعته محليا لأغراض التجارب على وزارة الزراعة، بالإضافة إلي أن مصر موقعة على الاتفاقية الإطارية لمنظمة الصحة العالمية بشأن مكافحة الدخان فى 17 يوليو 2003 لحماية البيئة وصحة الأفراد.

لن تستغنى وزارة الزراعة عن استقطاع مساحة من الأراضي لزراعة التبغ على حساب محصول إستراتيجي مثل القمح أو الذرة أو القطن.

المبيدات المستخدمة في زراعة التبغ تؤثر على البيئة، وتؤثر على العديد من المحاصيل المجاورة.

عن admin

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *