google-site-verification=e2DmWX0gwfReVFQpzcu4ly1zLPF-RUvuc6uHqoZo_ik

الفنانه زينب صدقي ملكة الجمال وواعظة الفنانين وكان ياما كان

كتب – محمد السمان :

ستظل ذاكرة التاريخ عامرة بحكايات الزمن الجميل، ما دام الرواة يسعون للغوص في الماضي لطرح تلك الذكريات والمواقف للأجيال الجديدة لتذكيرهم برواد الفن والثقافة والسياسة وكل المجالات.. فهؤلاء كانوا البدايات والجذور، ومن لا يتشبث بجذوره يطير في الهواء.

من رواد الفن ونجومه كانت الفنانة زينب صدقي، وهي من الرعيل الأول في التمثيل قبل أن تظهر السينما، ومثلت العنصر النسائي في المسرح منذ نشأته.. وقد ولدت زينب صدقي في 15 أبريل عام 1895 وهي من أصول تركية، والتحقت بالعمل في المسرح في عام 1917 وقد منحها الله جمالاً رشحها لأن تكون بطلة المسرح منذ البدايات وقد عملت في فرقة رمسيس مع يوسف وهبي وفرقة الريحاني وفرقة عبد الرحمن رشدي، وكانت تجيد التمثيل بالعربية الفصحى، ومن أهم أعمالها المسرحية مجنون ليلى وكليوباترا.. وقد ساعدها جمال وجهها وطيبة قلبها أن تقوم مع نشأة السينما بدور السيدة الارستقراطية والأم التي تحافظ على عادات وتقاليد أسرتها وطبقتها.

تزوجت زينب صدقي في شبابها ولم يدم زواجها إلا عدة أشهر، كانت وحيدة قبل الزواج، وأصبحت بعده وحيدة أيضاً وكان زملاء الوسط الفني والثقافي هم سندها وأسرتها، منهم سليمان نجيب ويوسف وهبي وأحمد رامي وصالح جودت وشكري راغب مدير الأوبرا وغيرهم.. وقد توفي أحد العاملين في الأوبرا وهو حسن عباس وترك ابنة صغيرة فقامت زينب صدقي بكفالة الصغيرة كوثر حسن عباس واعتبرتها في منزلة ابنتها، وأغدقت عليها بما يسعدها في فترة الطفولة واهتمت بتعليمها حتى مرحلة الشباب.

عرف النبيل سليمان بك نجيب أن زينب صدقي وحيدة وترعى فتاة وتكفلها، وقد كان وقتها سليمان نجيب مديراً لدار الأوبرا، فطلب من شكري راغب وكان من القائمين على إدارة الأوبرا المصرية، أن يراعي كل طلبات ومصالح السيدة زينب صدقي، وبالفعل نفذ الأستاذ شكري راغب وصية النبيل سليمان نجيب، ووقف بجانب زينب صدقي ليلبي كل احتياجاتها، وبعد ذلك أصبح شكري مديراً لدار الأوبرا خلفاً لسليمان بك نجيب.

شاركت زينب صدقي في كثير من صالونات الثقافة التي كان يقيمها الرواد والمثقفون، منهم صالح جودت وأحمد رامي وغيرهم والتي جمعت رموز الفن والسياسة والثقافة، وعرفت زينب بلباقتها ورقتها وأرستقراطيتها رغم مواردها البسيطة من أعمالها الفنية، فقد كانت لا تشرب الماء إلا في كأس كريستال وتأكل بشوكة وسكين كانت قد اشترتهما من مزاد علني عند بيع مقتنيات الملك فاروق، وكانت قد التقت عدة مرات الملك مع نخبة من الفنانين في عدة مناسبات.

زرعت زينب صدقي الخير في شبابها، وتكفلت بكوثر اليتيمة والتي أطلقت عليها اسم ميمي، وتدور الأيام لتحصد زينب صدقي في سنواتها الأخيرة ما زرعته.. فقد روى المقربون أن الشابة راعت أمها التي كفلتها وغمرتها بكل مظاهر البر والعطف والاهتمام.. وقد منح الرئيس السادات معاشاً لكبار نجوم الفن منهم زينب صدقي وقدره مائة جنيه ليعينهم على الحياة في كبرهم.. وقد تزوجت ابنتها ميمي من رجل لبناني، وطلبت من أمها أن تذهب معها لتقيم في بيروت، لكن زينب صدقي رفضت وفضلت أن تقضي ما بقي من عمرها في مصر، فما كان من الابنة التي تعرف أحوال أمها وعجزها إلا أن استأجرت لها جناحاً في مستشفى خاص لتقيم فيه وعينت لها ممرضة خاصة تلبي احتياجاتها.. وكانت ميمي تزورها كل شهر وتزودها بمزيد من المال وتطمئن عليها، ويأتي يوم 23 مايو 1993 ليشهد رحيل الفنانة القديرة طيبة القلب كريمة الأخلاق والطباع جميلة الملامح زينب صدقي.

بدأت زينب صدقى مشوارها الفنى عام 1917 وقدمت العديد من المسرحيات وحصلت على جائزة التمثيل االأولى عام 1926 ولم تتزوج فى حياتها سوى زيجة واحدة استمرت 6 أشهر فقط .

كما قدمت العديد من الأفلام السينمائية ومنها: الرهية، البنات والصيف، ست البيت، التلميذة، الجريمة والعقاب، اسكندرية ليه، وغيرها.

وكانت الفنانة زينب صدقى شديدة الثقافة والتدين ، فكانت تقيم فى بيتها ندوات ثقافية أسبوعية، تضم كبار الكتاب والأدباء والنقاد ومنهم العقاد ومحمد التابعى والرافعى والمازنى وعبد الرحمن نصر ومحمد على حماد وغيرهم.

وبدأت زينب صدقى فى إقامة هذه الندوات منذ عام 1931 وذلك عندما نشرت الصحف تصريحاً للوزير حلمى باشا عيسى يقول فيه إن كل الفنانات على درجة كبيرة من الجهل، وهو ما أثار غضبها وأرادت أن تثبت خطأ هذا الرأى

ومن وقتها شرعت زينب صدقى فى إقامة هذه الندوات الثقافية بمنزلها تدعو فيها كبار الكتاب والأدباء لمناقشة أهم قضايا الفن والأدب.

وكانت زينب صدقى تشارك فى هذه الندوات بالرأى، وكثيرا ما خرجت من هذه الندوات منتصرة لرأيها، حتى أطلقت الصحف عليها لقب ” شكسبيرة الزمالك” ، حيث كانت تسكن فى ضاحية الزمالك وقتها.

ونجحت هذه الندوات الثقافية فى الدعاية للفنانة زينب صدقى وثقافتها، فكانت من أشهر الفنانات وقتها، واستطاعت أن تغير الصورة السائدة عن الفنانات وأن تثبت أن الفنانة يمكن أن تتمتع بثقافة واسعة وتكون صاحبة رأى صائب فى كل القضايا.

وفى عدد نادر من مجلة الكواكب صدر عام 1958 كتبت المجلة موضوعًا عن شلل الفنانين فى رمضان وعادات كل شلة ومجموعة منهم وطقوسها وأبرز أفرادها

وكان من أهم وأبرز هذه الشلل، شلة كانت تضم نعيمة عاكف وهدى سلطان ومديحة يسرى ومحمد فوزى والمخرج نيازى مصطفى وكان يسهر معهم أحيانًا عبد السلام النابلسى والفنانة الكبيرة زينب صدقى.

وكانت هذه المجموعة تحرص على الصيام والمحافظة على الصلاة، وكانت الفنانة زينب صدقى تقوم بمهمة الوعظ والإرشاد لهذه المجموعة حيث عرفت بثقافتها الواسعة وتدينها ، وكان أفراد الشلة يثقون فيها ويستمعون لما تقوله من معلومات باهتمام ويستشيرونها فى أى أمر يحيرهم من الأمور الدينية.

ارتبطت الفنانة زينب صدقى بعلاقات طيبة مع كل الوسط الفنى وكانوا يطلقون عليها لقب ماما زينب، كما جمعتها علاقة صداقة قوية بالفنانة فردوس محمد، ووقفت زينب صدقى إلى جوار صديقتها فى مرضها كما قامت بتغسيلها بعد وفاتها.

ورحلت زينب صدقى عن عالمنا بعد رحلة حياة طويلة فى مثل هذا اليوم عام 1993 عن عمر ناهز 98 عاما.

عن admin

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *