google-site-verification=e2DmWX0gwfReVFQpzcu4ly1zLPF-RUvuc6uHqoZo_ik

رحلتـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا الإسراء والمعراج والدروس المستفادة

بورسعيد

كتب – السيد بكري

الجمعه 17/2/2023 ص

إن الحمد لله الذي خلق كُلّ شيءٍ بقدر، وأتقن ما شرعه وصنعه بحكمةٍ وتدبّر، ، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله، أرسله إلى الخلق كافَّة بشيرًا ونذيرًا، وداعيًا إلى الله بإذنه، وسراجًا منيرًا، صلّى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان، وسلّم تسليماً كثيرًا.[١] قال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ).[٢][٣] اوالحق فقد كان العام العاشر للبعثة عاماً حزينًا وصعبًا على رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-؛ فقد فَقَدَ به رسول الله عمَّه أبا طالب؛ وهو دِرعه الذي كان يَحميه من قريش، ويدفع عنه أذاهم، وبعدها بثلاثة أيامٍ أو قيل بشهرين، فَقَدَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زوجته ورفيقة دربه؛ التي كان المؤازِرة الأولى له؛ أمّ المؤمنين خديجة -رضي الله عنها-.[٤] فبقي رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وحيدًا حزيناً من غير مناصر له في تبليغ رسالته، فخرج إلى الطائف يَلتمس منهم القبول، وعرض دعوته على قبيلة ثقيف، فكان ردهم قاسيًا، ورفضهم جارحًا، فآذوا رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- ونالوا منه، وأغروا به سفهاءهم حتى رَمَوه بالحجارة وسالت الدماء من قدميه الشريفتين.[٤] وبعد الذي لاقاه النبي في الطائف، خرج مهموماً حزيناً، حتى يكاد لا يشعر بنفسه أين يتجه، فوصل منطقة قرن الثعالب، فناجى ربَّه، وشكا إليه ضَعفه وقلَّة حيلته، وهوانه على النّاس، وعاد إلى مكّة فلم يستطع الدخول إليها حتى أجاره المطعم بن عدي وكان على الشرك، فبعد هذا العناء الذي مرّ به حبيب الله تأتي المعجزة.[٤] بعد هذه الظروف التي كانت قاسية عليه، جاءت مشيئة الله -تعالى- بأن يُسلِّي عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- و يُواسيه ويُثبِّته على الحقِّ، فأكرمه الله برحلةٍ لم تكن لأحدٍ قبلَه ولا بعده، وجعلها الله -تعالى- رحلةً مباركةً طيبةً، فقد بدأت من أطهر بقاع الأرض، وانتهت بطبقات السماء العليا، وهي رحلةُ الإسراء والمعراج، يقول الله -تعالى-: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ).[٥][٤] نعم أ، إنَّها رحلة الإسراء والمعراج، والإسراء؛ هي الرحلة التي وقعت في الأرض، من مكَّة المكرمة إلى الأقصى الشريف، والمعراج؛ هي الرحلة التي وقعت في السماء، من بيت المقدس ثمَّ إلى السماوات العُلا، وبعد ذلك إلى سدرة المنتهى، حتى لقائه بالخالق -سبحانه وتعالى-.[٤] وبدأت هذه الرحلة ورسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- نائمًا في حِجر الكعبة، حتى جاءه طارق من ربّه، فشَقَّ صدره وأخرج قلبه، فملأه بالحكمة والإيمان، ثمّ جاء بالبُراق؛ وهي دابّةٌ بيضاء، تضع حافرها؛ أي قدمها عند منتهى طَرْفِها؛ عند جفنها، وفيه دلالة على سرعة البراق، فركب النبي صلى الله عليه وسلم، ورافقه جبريل -عليهما السلام-، حتى وصلا المسجد الأقصى، ولمّا دخله فإذا بالأنبياء جميعهم يصطفّون لِيصلوا ركعتين خلف رسول الله.[٤] ثم خرج رسول من المسجد الأقصى، فجاءه جبريل بإناء فيه خمر وإناء من لبن، فاختار اللبن فقال له جبريل: اخترتَ الفطرة، ثم عرج به جبريل إلى السماء الدنيا فاستفتح جبريل، (فقيل: مَن أنت؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد، قيل: وقد بعث إليه؟ قال: نعم، قيل: مرحبًا به! فنِعم المجيء جاء! ففتح له فوجد آدم فسلم عليه فرد عليه السلام، وقال: مرحبًا بالابن الصالح، والنبي الصالح).[٦] ثم عرج إلى السماء الثانية، فإذا به يلقى عيسى بن مريم، ويحيى بن زكريا -عليهم السلام-، وفي السماء الثالثة التقى بالصِّدِّيق يوسف -عليه السلام-، وفي السماء الرابعة التقى بإدريس -عليه السلام-، فرحَّبوا به جميعهم ودعوا له بالخير، ثم عَرج به جبريل إلى السماء الخامسة، فرأى بها هارون مُرحِّبًا وداعيّاً له بالخير، ولمّا وصل إلى السماء السادسة التقى بموسى -عليه السلام-، وفي السابعة التقى بأبي الأنبياء إبراهيم -عليه السلام- مُسندًا ظهره إلى البيت المعمور؛ وهو بيتٌ يدخله كُلَّ يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه.[٤] ثمَّ ذهب به إلى سِدرة المنتهى، فأوحى إليه -تعالى- ما أوحى، وفرض عليه خمسين صلاة في اليوم والليلة، فقد قال رسول الله بعدما فُرضت عليه الصلاة: (فَنَزَلْتُ إلى مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فقالَ: ما فَرَضَ ذبُّكَ علَى أُمَّتِكَ؟ قُلتُ: خَمْسِينَ صَلاةً، قالَ: ارْجِعْ إلى رَبِّكَ فاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ، فإنَّ أُمَّتَكَ لا يُطِيقُونَ ذلكَ، فإنِّي قدْ بَلَوْتُ بَنِي إسْرائِيلَ وخَبَرْتُهُمْ، قالَ: فَرَجَعْتُ إلى رَبِّي، فَقُلتُ: يا رَبِّ، خَفِّفْ علَى أُمَّتِي، فَحَطَّ عَنِّي خَمْسًا، فَرَجَعْتُ إلى مُوسَى، فَقُلتُ: حَطَّ عَنِّي خَمْسًا، قالَ: إنَّ أُمَّتَكَ لا يُطِيقُونَ ذلكَ، فارْجِعْ إلى رَبِّكَ فاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ، قالَ: فَلَمْ أزَلْ أرْجِعُ بيْنَ رَبِّي تَبارَكَ وتَعالَى، وبيْنَ مُوسَى عليه السَّلامُ حتَّى قالَ: يا مُحَمَّدُ، إنَّهُنَّ خَمْسُ صَلَواتٍ كُلَّ يَومٍ ولَيْلَةٍ، لِكُلِّ صَلاةٍ عَشْرٌ، فَذلكَ خَمْسُونَ صَلاةً، ومَن هَمَّ بحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْها كُتِبَتْ له حَسَنَةً، فإنْ عَمِلَها كُتِبَتْ له عَشْرًا، ومَن هَمَّ بسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْها لَمْ تُكْتَبْ شيئًا، فإنْ عَمِلَها كُتِبَتْ سَيِّئَةً واحِدَةً، قالَ: فَنَزَلْتُ حتَّى انْتَهَيْتُ إلى مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فأخْبَرْتُهُ، فقالَ: ارْجِعْ إلى رَبِّكَ فاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ، فقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: فَقُلتُ: قدْ رَجَعْتُ إلى رَبِّي حتَّى اسْتَحْيَيْتُ منه).[٧][٤] و،بعد أن عاد النبي -صلّى الله عليه وسلّم- من هذه الرحلة إلى فراشه، وأصبح في مكّة، جَلس في الحِجر كعادته، مرّ به أبو جهلٍ، وسمع ما يُخبر به من رحلة الإسراء والمعراج، فجمع عليه النّاس، وبدأوا يسألونه عن وصف المسجد الأقصى، فوصفه لهم وصفاً دقيقاً، فعرفه من زار المسجد الأقصى منهم، فما كان موقف كفار قريش من رحلة الإسراء والمعراج إلّا التكذيب.[٤] إوقد تضمنت رحلة الإسراء والمعراج عدداً من الدروس، ومنها ما يأتي:[٤] إنّ الإيمان بالإسراء والمعراج وتصديقه جزءٌ لا يتجزأ من عقيدة المسلم؛ فهي مُعجزة أيّد الله بها رسوله. إنَّ الله -تعالى- لطيفٌ بعباده المؤمنين، ناصرٌ لأنبيائه ولمن يدعون في سبيله. إنَّ الإسراء إلى المسجد الأقصى فيه رسالة إلى بني إسرائيل؛ وهي أن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- سيرث القيادة في هذه الأمة، وفي معراجه رفعه إلى السماوات دلالة على أنّه سيظهر الدين الذي جاء به وسيُعلي الله كلمته. إنَّ إمامة رسول الله -صلّى الله عيله وسلّم- بالأنبياء جميعهم إشارة إلى أنّه لو كانوا أحياء ما كان منهم إلاّ اتباعه، وكأنَّهم يقولون لأتباعهم من اليهود والنصارى، عليكم اتباعه فلو كنَّا أحياءٌ ما وسعنا إلاّ اتباعه. إنَّ في هذه الحادثة تأكيد على أهمية الصلاة وعظم شأنها، فالله -تعالى- ميّزها من بين جميع العبادات وفرضها في السماء. -و لا يخفى على المتأمل في تفاصيل هذه الرحلة، تصميم رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- على استمراره في دعوته، وبحثه عن ميادين جديدة للدعوة بعد العوائق التي واجهها في مكة المكرمة، فيجب على الداعي منَّا أن يكون يقظًا ذو عزيمة وإصرار، ويطرد اليأس والإحباط، ويستعن بالله -تعالى- فهو خير مُعين.[٨] ومن أسرار هذه الرحلة العظيمة أنَّ فيها ربطاً لقضية المسجد الأقصى بقضية العالم الإسلامي؛ فمكة المكرمة هي مركز للمجتمع الإسلامي ونقطة تجمع للمسلمين ووحدتهم؛ فالدفاع عن بيت المقدس هو دفاع عن الإسلام ذاته، وهو واجب على كُلّ مسلم.[٨] ومن العِبَر أيضاً التي يجدر بنا أن نشير إليها، هي بيان حكمة من الحكم التي شُرعت لأجلها الصلاة في حادثة الإسراء والمعراج؛ فكأنّها رسالة من الله -تعالى- لعباده بأنّه إذا كان الإسراء والمعراج الذي حدث لرسول الله بجسده وروحه مُعجزة، فإنّ العباد تعرج أرواحهم وقلوبهم إلى الله -تعالى- خمس مرات في اليوم والليلة، تائبين إليه يرجون منه الرحمة والمغفرة،[٨] اللهم اغفر لنا، وارحمنا، وتقبل منّا. أيها الناس، قد مَنّ الله -تعالى- على نبيه بالكثير من العطايا في هذه الرحلة؛ فقد عظّم مكانته، ورفع مقامه وجعله إمامًا للأنبياء، قال -تعالى-: (لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا الْكُبْرَى)،[٩] وقال -تبارك وتعالى-: (لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى)،[١٠] وليعلم الجمع في انحاء الأرض ، إنَّ للمسجد الأقصى أهمية كبيرة، ومكانة عالية، فهو ثاني مسجدٍ وضع في هذه الأرض بعد المسجد الحرام، وهو المسجد الذي وضعت أساساته الملائكة الكرام، وبناه داود وجدّه سليمان -عليهما السلام-، والمسجد الأقصى هو القبلة الأولى للمسلمين، فقد صلّى المسلمون ستة عشرَ شهرًا وهم مستقبلين للأقصى، ثم تحوّلت القبلة إلى الكعبة المشرفة، فكانت رحلة الإسلام والمعراج مؤكدةً على أهمية المسجد الأقصى ومُبيِّنة لمكانته البارزة،[١٢]ورددوا معي — نسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين، ويمنحهم الفقه في دينه، وأن يوفقنا وإياهم لشكر نعمه، والاستعانة بها على طاعته ونفع عباده. اللَّهمّ انصر الإسلام والمسلمين نصراً مؤزراً بجندك وأوليائك يا رب العالمين، اللَّهمّ حرّر المسجد الأقصى على رايات الإيمان وصَيحة التكبير، وارزقنا فيه صلاةً طيبة مباركة، اللَّهمّ انصر المجاهدين في كُلِّ أرض يُذكر فيها اسمك، اللَّهمّ اكشف همّهم وادفع غمّهم، واجمع شملهم، واجبر كسرهم، وفكَّ أسرهم، وحقّق بالصالحات آمالهم، واختم بالطاعات أعمالهم. اللَّهمّ إني أسألك لي ولإخواني أن تجمعنا تحت ظِلِّ عرشك، وأن تجعل عملنا خالصاً لوجهك تثقِّل به الميزان، وتحقق به الإيمان، – إنَّك وليُّ ذلك والقادر عليه، وصلَّى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين–وفروا إلى الله – وكل عام وأنتم بخير — السيد محمد بكري ،

عن admin

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *