google-site-verification=e2DmWX0gwfReVFQpzcu4ly1zLPF-RUvuc6uHqoZo_ik

حكايات الولاد والأرض والدة الشهيد أحمد عادل : أبنى أحب مصر أكثر منى فأبقته حيا إلى الأبد

كتب – محمد نبيل محمد :

.. أستأذن محمد والده أن يسحب ملف التقديم بكل من الكلية الحربية وكلية الشرطة وافق الأب واعترضت الأم وذكرته انه المسؤل عن البيت لغياب والده للعمل بالسعودية فترات طويلة وطلبت منه الإلتحاق بكلية الهندسة لتزوجه وتفرح به وتحمل ابنائه, ولكن رفض البطل وكان مصرا على أن يكون فى خدمة البلد سواء بالشرطة أو الحربية, وبالفعل سحب ملفى الشرطة والحربية فى نفس اليوم , وبدأت الإختبارات, وكان فى منتهى النشاط, وشجعه الده على تحقيق حلمه , واستمر الحال لعدة اشهر وهو يجتاز جميع الإختبارات بنجاح , والأم على أمل أن يتعثر ويحقق لها حلمها بالبقاء الى جوارها, ولكن ارادة الله سبقت, وقُبل بالحربية عام 2013, وصقلت الكلية الحربية من سماته فأصبح أكثر شجاعة, واقدام, وحب للوطن, حتى تخرج فيها عام 2016 ضمن سالح المشاة , ولم يكن هدفه بعد التخرج خدمة الوطن فقط, بل كان راغبا فى الاستشهاد فى سبيل الله دفاعا عن وطنه بعد أن يثأر لشهداء أتوبيس الكلية الحربية الذين اقتنصت شبابهم رصاصات الغدر من التكفيريين, وطلب الشهيد أن تكون خدمته بشمال سيناء ليواجه التكفيريين, ويدافع عن مصر ضد شرورهم, وتسلم عمله فى وسط سيناء, لمدة 6 شهور ثم تم ندبه للعريش ولم يخبر احد إلا خاله وإبن عمه, وبعض أصدقائه المقربين, .. وعندما كانت والدته تسأله عن مكان خدمته العسكرية كان يقول لها : على شاطئ القناة .
هو البطل أحمد عادل الذى تحكى بطولة استشهاده اثنتين من السيدات الفضليات الأولى أمه المربية الفاضلة الاستاذة نوال والتى كانت تخشى عليه من الهواء, والثانية كانت عمته السيدة سامية والتى اعتبرته كأبنها وكانت دائما ما تشجعه لتحقيق حلمه,أما والدة الشهيد البطل فتروى حكايته منذ أن كان فى أحشائها:” الشهيد ابن محافظة المنوفية مركز تال قرية صفط جدام ولد فى الأول من مارس عام 1995 وافق مولده يوم 26 رمضان ليلة القدر, ومن صغره وهو طفل محبوب ذو قبول ولكنه غير مدلل, تشعر فيه بالرجولة, والإحترام, ورجاحة العقل, حتى فى لعبه مع أصدقائه من ابناء عمومته وابناء أخواله كنت تجده متزنا ورزينا وهادئ الطباع , الأمر الذى لم يدفع والده ابدا الى زجره أو تعنيفه , بل على العكس لطبيعة عمل والده التى تستدعى السفر كثيرا كان والده يعتبرة رجل البيت فى غيابه, كما كان عطوفا على اخيه محمد الذى يصغره بحوالى سنة كان يعلمه ويصطحبه معه فى كل مكان واشترى له شطرنج ليوجهه لأهمية التفكير, كان يقضى معه اوقات طويلة, وأثناء دراسته بالمرحلة الإبتدائية بمدرسة شبرا بتوش التى كنت معلمة بها ثم وكيلة للمدرسة لم تأتى لى عنه شكوى واحدة, وكان متفوقا ترتيبه الثانى على المدرسة, ثم اتقل الى مدرسة صفط جدام الإعدادية, التى ارتبط فيها بأعز أصداقائه الذين كانوا دائمى الدعم المعنوى لى ولوالده بعد استشهاده,وبعد نجاحه بالإعدادية كان ضمن العشرة االوائل, والتحق بمدرسة عز الدين شلتوت الثانوية, وتخرج منها بمجموع 95 % ولم يرغب فى كلية الهندسة واراد الإلتحاق بكلية الشرطة أو الكلية الحربية”.
وعن إصابته الأولى بسيناء تحكى الأم البطلة:” وفى يوم 9 ابريل عام 2016 كان مفروض ينزل اجازة فأتصلت به وسألته : أنت نازل النهاردة قال لها : معلش يا أمى أن وقعت من فوق الدبابة وذراعى انكسر, قابلينى بمستشفى الحلمية وهاتى لى معك غيارات,ونظرا لسفر الوالد فى ذلك التوقيت لعمله بالسعودية اتصلت بعمه, وفى المستشفى وجدت ان ثيابه عليها كمية كبيرة من الدماء وكذلك ملاءة السرير وحوله عدد كبير من الأطباء, فقولت لهم: كل ده من الكسر, طمأننى أطباء المستشفى العسكرى ان الرصاصة نفذت من كتفه, وأنه بخير, وعلمت وقتها أنه كان فى مطارة لبعض التكفيريين فى مناطق عشبية, فقتلوا منهم اثنين وأصابوا إثنين, وفر الباقى كالجرذان, وانهم اثناء فرارهم صوبوا طلقاتهم على المهاجمين من رجال الجيش فكانت الرصاصة التى اخترقت كتف أحمد, سجدت فى المستشفى بجوار سرير أحمد على الأرض شكرا لله على أن ابقاه لى حيا بعد أن عنفته على اخفاء مكان خدمته عنى وهو يطمئننى من أنه أخذ بالثأر من التكفيريين, واتصلت بوالده لأخبره بما حدث,واجريت له عدة عمليات جراحية فى مكان الرصاصة والكسر, وخلال الاسبوعين الذين قضاهما بالمستشفى حضر جميع أهالى البلد من الاقارب والجيران لزيارته والإطمئنان عليه رغم بعد المسافة للدرجة التى كان اقاربه يبيتون امام المستشفى حتى يأتى وقت الزيارة ويرفضون العودة لبلدتنا دون الإطمئنان على الشهيد, وبعدما اتمم الله عليه بالشفاء بعد 6 شهور من التردد خاللها على المستشفى , إلا أنه كان مصمما على العودة لمكان خدمته امام اعتراض شديد منى وموافقة من والده الذى قال : لن يصيبنا إلا ماكتب الله لنا, .. وكان أحمد يقول لى : يا أمى أنا لم أخدم بلدى إلا فترة قصيرة وسنى صغير وعاوز اكمل خدمة بلدى”.
وعن رغبة الثأر والإستشهاد التين تمونتا فى عقيدة الشهيد تحكى والدته:” عاد أحمد للخدمة بوسط سيناء فى شهر يونية التى استمر بها شهرين حتى علم باستشهاد أحد زمالئه بالعريش فطلب العودة الى العريش وكان هناك رفض من القيادة ولكن أمام اصراره الشديد للعودة للعريش ليحل محل زميله الذى استشهد تمت الموافقة له , وأثناء ذلك كنت قد اتمت اجراءات خطبته بمباركة وتأييد كامل من عمته بعدما سمعت منه كثيرا عن طلبه الشهادة فى سبيل الله”.
أما حكاية السيدة الثانية فى حياة الشهيد فكانت عمته التى فتنت بحب الفتى لمصر وهو فى عينها الصغير على هذا العشق وتلك الرغبة فى التضحية.
, وعن زيارتها له فى المستشفى تحكى :” أصيب الشهيد البطل بعد شهور مع العالج صمم ليرجع لنفس مكان عمله ليقتص لرفاقه الذين رثاهم وأحبهم كثيرا, فكان محبا لوطنه.
اتذكر فى اصابته الأولى عندما زرته وكان معى له هدية قال لى : يا عمتو الهدية التى تبسطنى ان تكتبى عن الشهداء الأبطال, وبالفعل كتبت له قصيدة بعنوان : “يا حماة الديار” الى أغلى جيش .. يا حماة الديار .. يا نبع الفؤاد .. يا منهل غدى ..نور للوجدان .. يا حماة الديار .. دمتم لنا نجم مضئ على الدوام. . دمتم لنا سيف لكل ضامر لنا العداء.. يا حماة الديار.. دمتم لنا عرين يحمى ضعفنا من الجبناء.. دمتم لنا كنز للتفانى والوفاء .. دمتم لنا نبض يدق فى قلوبنا الإنتماء.. يا حماة الديار.. دمتم لنا يا أسمى شعور فى قلوب البسطاء.. يا أغلى معنى لمصريتنا وهويتنا على السواء.”
وتعود الأم البطلة لحكيها عن بطلها وسيناء التى أخفى عنها وليدها حبه لها وعمله بها :” كانت آخر مرة شاهدته قبل استشهاده بـ 20 يوما كان مقررا أن يعقد قرانه فى تلك الإجازة القصيرة ولكنه اكتشف ضياع بطاقته الشخصية, وبدأ فى استخراج اوراقها ولم يتم له عقد القران فى هذه الإجازة, وعلى غير عادته جلس أحمد معى مدة طويلة حوالى 4 ساعات تتحدثنا عن مواضيع كثيرة من بينها حالة البلد, وتوضيب شقته, وامور كثيرة, مع انه قبل ذلك كان يقضى إجازته مع أصدقائه أو عند خطيبته, ويوم سفره قام وصلى الفجر, وعاونته فى تجهبز حقيبته, وكان معه والده واخيه الأصغر ليوصالنه بالسيارة الى شبين الكوم, وكان متعودا ان يصافحنى قبل السفر ويحتضنى ويقبل يداى, ولكن فى هذه المرة ​كان قد نزل الى السيارة دون ان يصافحنى, فناديت عليه من النافذة بأعلى واخبرته انه لم يسلم على قال لى : خالص ياماما .. مع السالمة .. فانخلع قلبى, فتلك المرة الوحيدة التى مكث معى اربع ساعات وايضا المرة الأولى التى لم يسلم على كما اعتاد معى”, وتتذكر الأم البطلة :” عندما عاد ابنى الأصغر فال لى أن الشهيد نسى حقيبته فى شبين الكوم, ونظر ابنى الأصغر لى بدهشة وقال لى :ط ماما هو احمد كان بيوصينى عليكى اوى , ما تزعليش انه ما سلمش عليكى”.
أما عن آخر مكالمة للأم مع شهيدها فتحكى:” كانت آخرمكالمة بين البطل الشهيد وبينى كانت قبل استشهاد بيوم واحد فى مغرب اليوم السابق على الاستشهاد, وبعد محاوالت كثيرة بسبب سوء الشبكة , تكلم كلمات قليلة : ” ازيكم ؟ عاملين إيه؟ أنا كويس .. حا أكلمكم بعدين .. وانتهت المكالمة”.
ثم تتوقف الأم البطلة عن الحكى لتبدأ وصف لما تراه أما عيناها اللامعتين بالدموع :” كان العمال شغالين فى شقته اللى بنجهزها لزواجه, ورن التليفون المحمول , اسم خطيبة احمد عليه , خير يارب, اتصلت خطيبته بى تسالنى بقلق شديد : هوه أحمد اتصل بكم النهارده؟ قولت لها : لا مافيش شبكة وتليفونه مغلق .. قالت خطيبته : أصل اصحابه منزلين صورته على الفيس , وبيقسموا انهم حايأخذوا بثأره أصبحت فى حالة شديدة من القلق والخوف والهلع, وكلما اتصلت بأحد من زمالائه لا يرد على , .. استمرت حالة غريبة تشعرنى بان قلبى انخلع من مكانه, وبقيت فى ذهول على هذا الوضع لمدة ساعتين, وحوالى الوحدة ظهرا اتصلوا بنا يبلغونا باستشهاد أحمد, أنا كنت دايما قلقانة عليه وملهوفة عليه .. زى ما أكون حاسة انه حايروح منى .. أنا كنت عارفة أنه موش لى لوحدى وان فى واحدة تانية مشاركانى فيه , ده ابن مصر, عاش لها ومات علشانها”.
وتعود العمة لتحكى تفاصيل الزفاف والشهادة:” بعد ما زرت احمد فى المستشفى حسيت احساس غريب جدا , لكن الاحساس ده قادنى لتسريع اجراءات الزفاف وفعلا قولت لوالدته : احنا نجهز الشقة والأثاث وكل حاجة ويبقى فاضل بس بدلة العريس, ولما رجع من المستشفى بعد العلاج الطويل لسيناء تانى, قررت انى اعجل من الفرح ومش عارفه ايه السبب غير ان حبى لعريس بنتى زاد واحترامى ليه بقى كبير اوى, فى بيوت العائلة كنا بنجهز لفرحه اللى بعد 14 يوم لكن هو سبقنا لزفافه فى الجنة إن شاء الله , يوم استشهاده كان حايبقى اخر يوم له فى العريش وكان حايرجع بعدها لكتيبته فى وسط سيناء, وكان نازل اجازة الزفاف , وبعد ماغير ولبس الزى المدنى علشان يسافر ويرجع لنا, علم أن فيه دعم رايح العريش فى العملية الشاملة فى مزارع الزيتون وزميله اللى حا يستلم منه تأخر وكان من المهم جدا إن أحد الضباط يوصل الدعم ويأمنه, طبعا غير ملابسه تانى, وذهب مع الدعم يوصله , وأثناء العودة حصل تعامل معه وانفجر لغم فى فى 9 سبتمبر 2016 فى كمين المحاجر اثر عبوة ناسفة فى المدرعة واصيب اثنان من الجنود فى حين أصابت رصاصة الغدر رأسه وقلوبنا جميعا وحياتنا كلها وأحالمنا وسعادتنا, لتطفئ الشمعة التى كانت تنير حياتنا , أشهد الله أن الشهيد عاش حياته كلها لم يؤذى أحدا, وكان نعم الإبن البار بأهله, ولم يتعال على أحد , ولم ينقص أحدا قدره أبداً”.
وتعود العمة لتحكى عن خطيب ابنتها الشهيد البطل :” هو من اسرة طيبة جوادة عطاءة معطاءة للوطن دوما , جده الحاج عمر من حفظة القراّن وعالم جليل وقد بنى المدرسة, التى سميت باسم الشهيد الآن وهى مدرسة الشهيد احمد عادل, ووالده معلم جليل على المعاش, وله اخ واحد اسمه محمد فى المرحلة الإعدادية, ووالدته مربية فاضلة استاذة نوال وهى مديرة مدرسة الشهيد البطل, وكان امل اسرته بعد التحاقه بالكلية الحربية وامل كل عائلته الكبيرة والمتأصلة فى محافظة المنوفية, وهو من حزن على فراقه الأطفال والكبار, فقد كان شاب جميل خلوق عطاء معطاء حقيقى لن انساه ما حييت, استشهد قبل زفافه الذى كنا مجهزين له بايام قليلة , حتى إن والدتى جدة خطيبته اوصتنى ان اتبرع لها بأحد المستشفيات باسم الشهيد لشدة حبها له”
تنهى الأم البطلة حكيها عن الشهيد العريس, اخر مرة شوفته فيها كان ملفوف فى علم حبيبته مصركانت جنازته اكبر من اى فرح كان ممكن اتصوره, مبروك عليكى يا مصر عريس سيناء, هو كان بيحبك أكتر منى, وانت كمان حبتيه لدرجة انك خلدتى اسمه وابقيته حى مادامت السماوات والأرض , وده ما كنتش حا اقدر عليه رغم حبى له, وتردد الأم البطلة تحيا مصر ويحيا شهداء مصر.

عن admin

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *