google-site-verification=e2DmWX0gwfReVFQpzcu4ly1zLPF-RUvuc6uHqoZo_ik

مدينة الموتى المقدسة

كتب محمود عبده الشريف :

إنها مدينة الموتى المقدسة التى يرجع تاريخها من القرن الثاني الميلادي إلى القرن السابع الميلادي، وتبعد 3 كيلومتر عن مدينة الخارجة بجوار معبد هيبس، وتحتوى على 263 مقبرة اكثرها مزخرف من الخارج وقبابها مزينة بمناظر مختلفة من التوراه بالإضافة إلى المناظر المسيحية ، التى تتميز بألوانها الزاهية المرسومة بطريقة الفريسكو وهي خلط الألوان بالماء للرسم وهي طريقة سريعة التآكل والاندثار، ومن هنا جاءت أهمية الجبانة التي استطاعت بمساعدة الجو الجاف للمنطقة الاستمرار والدوام طيلة هذه القرون.
ما زالت جدرانها المبنية من الطوب اللبن بتصميم فريد صامدة رغم مرور أكثر من 18 قرن من الزمن على إنشائها وتفوح من ركن فيها عبق تاريخ ملحمة البقاء والتحدى والهروب من أجل الدين فرارا من بطش العدو الذي لا يرحم وتبقى أطلالها شاهد عيان على حضارة دينية عاصرت فترة هروب من اضطهاد الرومان للأقباط فى القرن الثاني الميلادي، وهى كعبة السياح المسيحيين فى العالم كما يطلقون عليها
هى مقابر البجوات الأثرية فى مدينة الخارجه بمحافظة الوادي الجديد واكتسبت إسمها من كلمة “بجوات” وهي فى نطق أهل الواحات لكلمة “قبوات” جمع “قبو” نسبة لأن كل مقابر المدينة تعلوها قباب مبنية من الطوب اللبن، وتعتبر الوحيدة فى مصر والعالم بهذا النمط فى البناء وتتمثل أهميتها البالغة في أنها ترجع لأوائل العصر المسيحي حيث فر أقباط مصر بدينهم خوفًا من الاضطهاد الروماني للمسيحية، واستقروا في الصحراء بعيدًا عن أيدي الأباطرة الرومان، و مازالت محتفظة برسوماتها وبعض تصميماتها المعمارية ما جعلها مرجعا لباحثى العمارة القبطية وفن الرسم والتصوير.

وكانت البجوات تجمع بين المقابر وأماكن التعبد ككنائس صغيرة وكانت أيضا ملاذ آمن للفارين من ظلم الرومان لمارسة صلواتهم بعيداً عن القهر والإضطهاد آنذاك ، وتوجد بها مخابىء أسفل الكنائس للمصليين فى حال وصل اليهم الجنود الرومان اللذين كانوا يبحثون عن المسيحيين لإعدامهم، ومن أهم معالم البجوات هو مزار الخروج والذي يضم قبة مزينة بشريطين يضمان مناظر من العهد القديم أشهرها مناظر لقصة الخروج والذي سمي المزار بها، حيث يقود النبي موسى بني اسرائيل عبر صحراء سيناء بينما يطارده جيش فرعون. بالإضافة لقصص كل من آدم وحواء وفلك النبي نوح والنبي دانيال في جب الأسود والنبي يونس والحوت ومناظر أخرى من العهد القديم.

وكذلك تحوى البجوات “مزار السلام” الذي يحتوى على رمز السلام مصور بقبة المزار، وهذا المزار هو أكثر المزارات شهرة لدى دارسي الفن ويطلق عليه لدى الباحثين الأوربيين اسم ” مقبرة البيزنطية “، ويحتوى على نقوش القصص المقتبسة من كتاب العهد القديم، بالإضافة لمخربشات تتمثل في الكتابات والخطوط التي سجلها زوار البجوات وتكثر هذه الظاهرة على جدران المقابر المزينة بالصور أو المكسوة بالملاط، ويبلغ مجموعها 63 مخربشة أكثرها مكتوب باللغة العربية وعددها 29 بينما المخربشات الإغريقية 19 والقبطية 12، وترجع الكتابات العربية منذ القرن التاسع الميلادي، وبجوار البجوات تم الكشف عن بقايا مساكن عين الخراب وعيد دركية وعين سعف والتي كانت المساكن الرئيسية للبجوات.

على جدران وأسقف البعض منها بعد وضع طبقة جبس عليها، تظهر صور وايقونات تجسد قصة آدم و حواء بعد طردهما من الجنة عاريان ويمسح كل منهما دموعه بيد، ويخفي سوءته باليد الأخرى، و تصوير يعبر عن قصة وذبح ابنه وفداء الله له بكبش من السماء، و لوحة عن قصة سفينة نوح عليه السلام، ولوحة عن النبي دانيال والأسود حيث يقف و تحيط برأسه هالة وصور أسدان على يمينه ويساره وتوجد فوق المنظر حروف اسمه، ولوحة لعدة طيور منها الطاووس والعنقاء كتعبير عن السلام.

كما تنتشر كتابات وخطوط سجلها زوار البجوات على جدران تلك المزارات أثناء مرورهم بها، يبلغ مجموعها حوالي63 مخربشة، أكثرها مكتوب باللغة العربية في القرون السادس والسابع والثامن عشر لحجاج المغرب العربي، الذين كانوا يستخدمون درب الأربعين للوصول إلى الأراضي المقدسة فى مكة المكرمة ناحية ميناء عيذاب المطل على البحر الأحمر، وكانوا يكتبون داخل المزارات التى كسيت جيدا بالملاط أسمائهم حتى تخلد ذكراهم أو أبياتا شعرية أغلبها يعبر عن الموت وقليل منها غزل أومدح أو هجاء لأحد الأشخاص، كما كتبت بعض المخربشات باليونانية والقبطية

عن admin

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *