google-site-verification=e2DmWX0gwfReVFQpzcu4ly1zLPF-RUvuc6uHqoZo_ik

نظرات حول السلالم والمقامات الموسيقية 

بقلم- محمد جمال الدين

تثير كلمة ” سلم موسيقي ” تساؤل الغالبية من المثقفين المصريين والفنانين العرب ، لانها تتكرر كثيراً على ألسنة المتخصصين، وفي صدارة الأعمال الموسيقية في الشرق أو في الغرب أو في أي بلد متحضر، حتي إن عمل من الأعمال الموسيقية في تلك البلاد يكاد لا يفلت من إشهارها مقترنة باسمه وفي بدايته مباشرة، هناك في أوروبا سيمفونية في سلم دو الكبير، وهنا في بلادنا أغنية من مقام راست (المقام هو نظير السلم في بلاد العرب وأغلب بلاد آسيا وكل شمال إفريقيا – النظير الشرقي)، بل ليس هناك موسيقي في الدنيا إلا وكانت دائرة في حدود سلم ما، أي تستخدم سبعة أنغام بعينها (أو خمس أو أربعة) من مجموع الأنغام المستخدمة لدي شعب ما، ذلك يعني إن لكل أمة عدد من سلالم (أو مقامات) خاص بها ، وهو ما يشكل لديها المنظومة السلمية أو المقامية المميزة لها .

ورغم أن لكل حضارة عدد من سلالم أو مقامات مستقلة، فإن لكل شعب مقامي نوع من المقامات خاص ، أي أن مقاماته بها انغام خاصة به، ويكاد يصبح الأمر متكرر مع نظام السلالم حيث تتبدل أنواعها وفقا للمنطقة التي تستخدمها، هكذا تجد هناك مقامات إيران “الدستجاخ” ومقامات الهند ” الراجا” ومقامات العرب “المقامات”، وكل منها به نغمات لا يعرفها الآخر، ورغم إن التنظيم العام للجميع هو الترتيب المقامي الطبيعي .

إلا أنه تلاحظ فى العصور الحديثة فوضى السلالم الموسيقية، إذ تسبب عدد النغمات المستخدمة بشكل دائم وعلى مدي تاريخ الانسان في مشكلة وارتباك شديد، وكان من الضروري تحديد صوت كل نغمة، بحيث لا ترتفع أو تنخفض نغمة عن المتفق عليه، وبحيث تنغرس كل نغمة في موقع واحد من الغلظة أو الحدة المتفق عليها ، ثم يتشكل”جدول” محدد من النغمات المتدرجة مستساغة لهذا الشعب أو ذاك، وأهمية هذا هو جمع نغمات هذا الشعب أو ذاك .

ولما كانت نغمات هذا الجمع “أي ديوان الشعب” كثيرة ومختلفة الأصوات كثيراً، ولا يمكن أن تمضي أغنية ما أو معزوفة باستخدام كل هذه النغمات، فإن كل شعب راح في التاريخ يقسم نغماته إلى عدة أنواع “عدة مقامات”، وقد تخلق لكل نوع “مقام” شعور خاص وفقا لنوع نغماته الخاص .

ولما كانت شعوب الأرض كثيرة ومترامية فقد تشكلت من “المقامات” السارية أربعة أنواع كبيرة : إما الجنس “من أربع نغمات لا غير” تمضي وفقا له ولا تخرج عنه الأغنية ، وإما المقام ثماني عدد النغم ، وإما المقام خماسي العدد، وإما السلم ثماني عدد النغم، وليس هناك أبدا شيء مختلف ولا بأي حال، فليس هناك سلم سداسي أو رباعي أبدا، وأي مسمي غير الأربعة المذكوره أعلاه انما هو محض “جنون” ، هم أربعة وليس لأحد حق الإضافة وليس التاريخ الموسيقي لعبة بيد البعض .

أما عن المقامات الموسيقية بشكل خاص فإن أي شعب في الدنيا له نغمات محددة تتشكل منها ألحانه، ولنغمات أي شعب أصوات خاصة، وصوت خاص لكل نغمة، هي أصوات خاصة ومتميزة ومختلفة عن أي نغمة من نغمات شعب آخر، أي لكل شعب أصواته الموسيقية التي تميزه ، ولهذا تختلف أسماء النغم من شعب لآخر . وكل أمة في بداية تاريخها لابد وأن تبدأ في جمع نغماتها بالأصوات التي تحب لكل نغمة، وبعدها تبدأ في إحصاء عدد نغماتها (في أوروبا الآن 12 نغمة ولدينا حوالي 16، إذ ما نزال لا نعرف عددها بالتمام)، وعندما قام الملحنين بتشكيل ألحانها المختلفة في كل مكان كان، عليهم إختيار سبعة نغمات فقط ليدور بهم لحن الأغنية أو المعزوفة ، إذ كان عدد نغمات الشعب أكبر مما يمكن لأغنية واحدة أن تحمل . وبذلك تشكلت لدي كل شعوب الأرض عادة تخصيص عدد ما “قليل” من نغمات الشعب لإنشاء أي أغنية، وبالتدريج ومنذ عهود الفراعنة إنقسم عدد النغمات الكلي إلى عدة مجموعات “السبعات”، وقد سميت “لتميزها” كل سبعة باسم “مقام” محدد وبحسب ما يثيره توالي نغماتها من شعور ، آكان شعور بالحزن أو البهجة ، القنوط آم التفاؤل .

إذن لماذا تم اختيار العدد “سبعة” لتتشكل منه نغمات كل مقام في الدنيا ؟، لم يتم بالطبع الاختيار مصادفة أبدا ، إذ سبق هذا التركيب المقامي “السبعي” إختيار قديم “سحيق القدم” رباعي “من أربعة نغمات فقط”، وهو الذي صاحب فن الجماعات الانسانية الأولي على الأرض ، وشاع منذ قرابة 200 ألف عام أو أكثر من الكهوف وعلى يد الانسان الأول، وسمي بالإغريقية “تتراكورد” أي صاحب النغمات الأربع، وقد كانت الآهازيج البدائية المحدودة تكتفي بأربعة فقط من أنغامهم (من الأنغام التي اختارتها القبيلة لنفسها) . بذلك مضي عصر كبير “رباعي” التنظيم فحسب،

ولما لا ؟ وقد اتسق ذلك مع أصابع اليد الأربعة العازفة للانسان (السبابة / الوسطي / البنصر / الخنصر)، آما الإبهام القصير فكان معطلا دائما إذ إنشغل بالإمساك برقبة الآلة الموسيقية أو جسدها كي لا تفلت أثناء العزف، ولما كانت الأصابع القادرة على العزف والتحرك أربعة فقط فقد راح الإنسان يألف توالي أربعة نغمات على سمعه، وبمرور الزمن أصبح العدد المحبب والمراد اتخاذه للأنشوده أو المعزوفة هو “أربعة” نغمات ، ومن ثم أصبح التنظيم العددي الرباعي هو المنظم لكل عمل موسيقي قديم، ولما ظهرت أولي الدول الكبيرة في الدنيا “كالفراعنة” بدأت الآلات تتطور وتمتد رقبتها أو قصبتها وتبدو الحاجة لإثنين من “الرباعي” في توالي ملحة وماسة، وهكذا ظهرت المقامات وهي المكونة من اثنين “رباعي” متلاحقين أى جنس الأصل وجنس الفرع فى المقام الواحد .

عن salwa mohsen

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *