google-site-verification=e2DmWX0gwfReVFQpzcu4ly1zLPF-RUvuc6uHqoZo_ik

الفن التشكيلي بين فكر المقاومة وتنمية الوجدان

كتب – محمد جمال الدين

تحت رعاية الدكتور علاء عبد الهادي رئيس النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر والأمين العام للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، عقدت اللجنة الثقافية برئاسة الأستاذة منى ماهر ندوتها الشهرية يوم الأحد ٢٥ فبراير ٢٠٢٤م، بعنوان ” التشكيل بين فكر المقاومة وتنمية الوجدان” استضافت الندوة الشاعر و الفنان التشكيلي القدير أحمد الجنايني، و الدكتور فكري حسن الخبير الآثاري والباحث في التراث الشعبي، والشاعرة والفنانة التشكيلية منى عبد اللطيف، أدار الندوة الكاتب الصحفي شريف عارف الذي استهل حديثه مرحبا بالحضور، وطرح مجموعة من الأسئلة المهمة منها، ماهي علاقة تشكيل الوجدان بفكر المقاومة؟، وكيف يمكن المقاومة في عصر التحديات التكنولوجية؟، وماذا بعد عصر الذكاء الاصطناعي؟، وإلى أين تظل فكرة المقاومة وسط كل هذه التحديات؟، كما أشار إلى أن فكرة المقاومة لم تعد مرتبطة بالجيوش فقط؛ بل مرتبطة بالغزو الفكري المتمثل في النيو ميديا، واختراق العقل وتدميره من الداخل.

وبدأ الفنان التشكيلي أحمد الجنايني حديثه والرد على جملة ما طرحه عارف من أسئلة معبرا عن سعادته بموضوع الندوة، والتي من خلالها يستطيع فتح ملفات من الصعب فتحها في ظل ما وصل إليه المجتمع المصري والعربي الآن، وأكد من خلال حديثه أن المجتمع المصري يختلف عن الماضي في تواصله مع الثقافة، ولا يشبه تواصله مع الثقافات في فترة الستينيات، وأنه تحول تحولا كبيرا ولم يكن التحول عفويا، بل تم التخطيط له ليصبح بهذا الشكل، وذكر أنه بعد حرب ٦٧ اعتقدت إسرائيل وأمريكا أنه لا يمكن أن تنهض المنطقة العربية مرة أخرى ؛ لكن في نفس شهر الهزيمة حدثت معركة رأس العش وتدمير إيلات، وحرب الاستنزاف حتى وصلنا للعبور العظيم، فأعادت إسرائيل حساباتها مرة ثانية، وفطنوا أن المعارك الحربية لم تحسم المسألة؛ ولابد من اختراق داخل المجتمع المصري، وهدم الإنسان المصري عن طريق التعليم، وساعدتهم معاهدة السلام على تحقيق أغراضهم، وتحدث عن الفروق الجوهرية بين التعليم الحالي وتعليم الستينيات، حيث وجد في الستينيات حصص التربية المتنوعة وتشمل ” التربية الفنية، والتربية الرياضية، والتربية الزراعية، والتربية الموسيقية”؛ ولكن كل ما ذكر بعد كلمة تربية ألغي بعد كامب ديفيد، كما ذكر أنه في الماضي كان يستطيع شراء العديد من سلاسل الكتب الشهيرة بأقل الأسعار وكان المصري يستطيع أن يدخل المسرح والسينما دون أن يتأثر راتبه، فأين نحن الآن لو أردنا فعل ذلك؟ لن يفي الراتب ولن يسمح بذلك، وتحدث أيضا عن اللغة التشكيلية النادرة في المجتمع، فماهية اللغة التشكيلية غير معروفة للمجتمع المصري، وذكر أن الكثير من الفنانين يتعاملون مع اللغة التشكيلية بشكل غير سليم،؛ لأنها لغة لها ماهيتها وعالمها الخاص بها، وأكد أن اللوحة لا يتم شرحها للمتلقي؛ وعند شرحها فنحن بذلك نستعين بلغة أخرى، وهي لغة الكلام أو اللغة الأدبية، وأضاف أن للغة التشكيلية خصوصيتها في التلقي، فمثلها مثل الموسيقى لهما مفرداتهما الخاصة، ولابد من إدراك علاقة التشكيل كلغة بصرية ثم التعرف على اللغات الأخرى التي تساعد هذه اللغة، فاللغة البصرية تتماس مع عدة لغات، وأضاف أن الشعر يعتمد على الخيال، والرواية تعتمد على الدراما، والمسرح يعتمد على الحركة، والسينما تعتمد على الكادرات البصرية، والموسيقى تعتمد على الإيقاع، ولا يسمح للمساعد أن يكون صوته أعلى من اللغة البصرية ، وأن ثقافة التلقي مهمة جدا؛ لأن الفن التشكيلي مفتوح في دلالاته، وفعل التلقي يعتمد على ثقافة المتلقي، ويظل العمل التشكيلي بمثابة الكائن الحي طبقا لثقافة التلقي، وذكر أن محمود درويش هو الشاعر العربي الوحيد الذي تفوق على التشكيليين في الصورة.

وسأل الكاتب الصحفي شريف عارف الدكتور فكري حسن عن مسألة الهوية البصرية، فكان رده أن سؤال الهوية سؤال إشكالي، وأن هناك تأثيرات حدثت من المدارس الفنية المتعددة ولاسيما الغربية؛ فأحدث ذلك تعارضا مع الهوية البصرية الشعبية، وذكر أن خطاب الهوية الآن مرتبط بالهويات الأوروبية، كما يوجد ارتباط بالمذاهب السياسية، والربط بثقافة الاستهلاك، وذكر أنه ليس لدينا الآن ثقافة نخبة أو ثقافة الطبقة الأرستقراطية، ثم تحدث عن موضوع غزو أمريكا للعالم بعد الحرب العالمية الثانية عن طريق استغلال الفن التشكيلي؛ لترويج ثقافتهم وليحلوا محل الثقافات الأوروبية، وكانوا يدركون أن الاحتلال العسكري لن يستمر؛ لذلك تضاءل الدور العسكري وحل محله نشر الهوية البصرية الأمريكية، ثم تحدث عن فكرة الوعي والتربية الفنية، وذكر أنه لا توجد هوية بصرية محددة للمصريين، وأن الضربة الحقيقية لمصر كانت من الداخل عن طريق الرجعية الإسلامية، والتحول من التصنيع إلى التجارة وأساسها السمسرة، ثم تحدث عن أهمية كتاب الدكتور طه حسين ” مستقبل الثقافة في مصر” وعن أهمية ما طرحه من أفكار، وكان من أهمها موضوع التعليم في مصر، وأن التعليم هو أساس النهضة والاستقلال، وكذلك تركيزه على البحث العلمي المطلق من أجل التقدم، وتحدث د فكري حسن عن موضوع الهوية البصرية المصنعة، وطالب بدراسة الأفكار التي وراء الهوية البصرية؛ موضحا أن كل لوحة تشكيلية تحمل فكرة ما، وختم حديثة منبها أننا الآن في خطر حقيقي بسبب نوعية التعليم ولابد أن تنتبه الدولة لذلك..

وتحدثت الشاعرة والفنانة التشكيلية منى عبد اللطيف ردا على سؤال طرحه الكاتب الصحفي شريف عارف عن لوحة الحرية التي أثرت في كثير من الشعوب، وكان لها تأثيرها على الثورة الفرنسية ثم توالي تأثيرها على عدد من شعوب العالم، متحدثة عن قصدية التجريف الثقافي على جميع المستويات، سواء على مستوى الوعي الجمعي أو على مستوى الهوية البصرية المصرية، كما تحدثت عن فكرة الوصول للعالمية مؤكدة أنه لا يحدث ذلك إلا من خلال البيئة الفنية للمبدع سواء الفنان التشكيلي أو الأديب، وأكدت أن الفن اللصيق بالمجتمع والمؤثر فيه هو الفن الحقيقي لأن الفن بشكل عام يخاطب الوجدان ، ثم حددت حديثها عبر ثلاث وسائل مهمة وهي ” العلم، والتعليم، والإعلام”، وأن النقطة الرئيسة الرابطة بين هذه الوسائل هي الفكرة، والتأثر بالفكرة يستحث الوجدان ويؤثر فيه، وتحدثت عن مناقشة جمال حمدان لفكرة الهوية المصرية، كما تحدثت عن تأثير الفن التشكيلي في الوجدان العالمي ككل؛ مدللة بصورة الفتاة الفزعة في فيتنام، وحنظلة لناجي العلي، ذاكرة أن الفنان رحل ولكن بقيت الفكرة؛ حيث رحل ناجي العلي وبقي حنظلة، وأكدت أن المقاومة يجب أن تكون بتصحيح الفكر ويكملها طريقة الطرح، وقد ركزت في حديثها على أن الرؤية البصرية تظل هي أسرع الوسائل في الوصول ولها تأثيرها السيكولوجي على الإنسان، كما ذكرت أننا بلد صدر الحضارات والعلم للعالم لكن حين بعدنا عن تمسكنا بالعلم بعدنا عن هويتنا البصرية ثم ختمت حديثها بعدد من الحلول الفاعلة منها :” اشتغال الطفل منذ النشء مفيد على مستوى الرياضة والموهبة، أهمية التعلم عن طريق الموهبة، طالبت بالحفاظ على الهوية ورجوعها لأصلها،. كما طالبت بأهمية التفريق والتمييز بين المصنع والهاند ميد، وطالبت أيضا بأهمية التمسك بكل ذات قيمة، وحتمية التعامل مع إيجابيات التكنولوجيا الحديثة وليس العيش في حصار سلبياتها، وذكرت أن لدينا مشكلة في تحديد الأولويات بشكل عام ولابد من التغلب على هذه المشكلة.

ثم فتح باب النقاش من الأساتذة الحضور حول بعض تفصيلات الموضوع وما قدمه أعضاء المنصة من طرح ورؤى، وتمت الإجابة على الأسئلة التي فتحت آفاقا وأبعادا إضافية لعناصر الموضوع، وركزت على قدرة الفن في التصدي كسلاح من أسلحة المقاومة سواء في الماضي أو الحاضر؛ لأنه بإجماع الجميع هو الوسيلة الأسرع في التأثير على الوجدان الجمعي في أي مكان في العالم.

عن farida fahmey

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *