google-site-verification=e2DmWX0gwfReVFQpzcu4ly1zLPF-RUvuc6uHqoZo_ik

في مثل هذا اليوم…« غزوة بدر الكبري»

وسام عابد

حدث في رمضان، في مثل هذا اليوم السابع عشر من رمضان في العام الثاني للهجرة وقعت غزة بدر الكبرى والتي تمثل أول حرب في الإسلام، والتي كان النصر فيها حليف المسلمين.

 

غزوة بدر

 

سُميت غزوة بدر بذلك الاسم نسبة للمكان الذي وقعت فيه المعركة وهي منطقة بدر، وتعد أهم والغزوات خاصة بسبب قلة عدد المقاتلين من المسلمين الذين كانوا 313 رجلًا فقط، مقابل 950 رجلًا من المشركين، وفي رواية أخرى وصل عددهم إلى 1000 رجل.

 

سبب المعركة

 

بدأت عندما علم الرسول الكريم بأمر قافلة قريش التجارية العائدة من الشام، وبها تجارة أكابر قريش الذين سبق وأن نهبوا من أموال المسلمين ظلماً وعدواناً، وليس لأي ذنب فعلوه غير أنهم قالوا ربنا الله، وبعد نزول قوله تعالى{أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُواْ وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِير* الَّذِينَ أُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَن يَقُولُواْ رَبُّنَا اللَّه ُوَلَوْلاَ دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِىٌّ عَزِيزٌ* الَّذِينَ إِنْ مَّكَّنَّاهُمْ في الأرض أَقَامُواْ الصّلاةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ وَأَمَرُواْ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْاْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأمور}.

 

أراد الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن يسترجع المسلمون أموالهم المنهوبة، فأرسل الصحابي “بسبس بن عمرو”؛ لجمع المعلومات عن القافلة فعاد بالخبر الذي جعل الرسول ينادي في أصحابه بالخروج لملاقاة القافلة، فكان خروجه من المدينة في اليوم الثاني من رمضان من السنة الثانية للهجرة، وكلف عبدالله بن أم مكتوم بإمامة الناس في الصلاة، ثم خرج ومعه بضعة عشر وثلاثمائة من الصحابة وفرسان و70 بعيرا، وتناوب كل ثلاثة من المسلمين على بعير واحد، ويرجع ضعف قوات المسلمين الى أنهم لم يخرجوا للقتال وإنما خرجوا لاسترداد ما نهب منهم، فنزلوا ببدر وهو بئر بين مكة والمدينة.

 

وعندما علم أبو سفيان بأمر اعتراض قافلته أرسل عمرو بن ضمضم الغفاري إلى قريش يطلب العون فاستشاطت قبائل قريش وسارعوا إلى الخروج لمواجهة المسلمين، وكان عددهم ألف رجل ومائتي فرس، وكان قائدهم عمرو بن هشام “أبو جهل”.

 

ورغم أن أبا سفيان نجح فى الإفلات من كمين المسلمين، إلا أن قريشا قد أصرت على مواصلة الحرب حتى لا يعاود النبى وأصحابه مهاجمة قوافلهم التجارية، وقال أبو جهل: “والله لا نرجع حتى نرد بدراً فنقيم عليها ثلاثا تنحر الجزور ونطعم الطعام ونسقي الخمر وتعزف علينا القيان وتسمع بنا العرب وبمسيرنا وجمعنا فلا يزالون يهابوننا أبدا بعدها فامضوا”.

 

ماذا حدث في يوم بدر

 

وحكى عمر بن الخطاب إكثار النبي صلى الله عليه وسلم من الدعاء يوم بدر قال: (لما كان يوم بدر نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المشركين وهم ألف، وأصحابه ثلاثمائة وتسعة عشر رجلًا، فاستقبل نبي الله صلى الله عليه وسلم القبلة ثم مد يديه فجعل يهتف بربه «اللهم انجز لي ما وعدتني، اللهم آت ما وعدتني، اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض».

 

فما زال يهتف بربه مادا يديه مستقبل القبلة حتى سقط رداؤه عن منكبيه، فأتاه أبو بكر فأخذ رداءه فألقاه على منكبيه ثم التزمه من ورائه وقال: يا نبي الله كفاك مناشدتك ربك، فإنه سينجز لك ما وعدك فأنزل الله عز وجل: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَٱسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِّنَ ٱلْمَلاۤئِكَةِ مُرْدِفِينَ} [الأنفال: 9] فأمده الله بالملائكة. وقد خرج من العريش وهو يقول: «سيهزم الجمع ويولون الدبر».

 

وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يباشر القتال بنفسه قال علي، رضي الله عنه: “لقد رأيتنا يوم بدر ونحن نلوذ برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أقربنا إلى العدو، وكان من أشد الناس يومئذ بأسًا”.

 

وقد بدأ القتال بمبارزات فردية، حيث تقدم عتبة بن ربيعة وتبعه ابنه الوليد وأخوه شيبة طالبين المبارزة، فانتدب لهم شباب من الأنصار فرفضوا مبارزتهم طالبين مبارزة بني قومهم، فأمر الرسول صلى الله عليه وسلم حمزة وعليًّا وعبيدة بن الحارث بمبارزتهم، وقد تمكن حمزة من قتل عتبة ثم قتل علي شيبة، وأما عبيدة فقد تصدى للوليد وجرح كل منهما صاحبه فعاونه علي وحمزة فقتلوا الوليد واحتملا عبيدة إلى معسكر المسلمين.

 

وقد أثرت نتيجة المبارزة في معسكر قريش وبدأوا الهجوم، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بنضح المشركين بالنبل إذا اقتربوا منهم حرصًا على الإفادة من النبال بأقصى ما يستطاع فقال: «إذا أكثبوهم فارموا واستبقوا نبلكم». ويذكر عروة وقتادة أن الرسول صلى الله عليه وسلم رمى الحصا في وجوه المشركين، وتدل على صحة ذلك الآية الكريمة: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ رَمَىٰ وَلِيُبْلِيَ ٱلْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاۤءً حَسَنًا إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [الأنفال: 17].

 

ثم التقى الجيشان في ملحمة قتل فيها عدد من زعماء المشركين، منهم أبو جهل عمرو بن هشام الذي وصفه الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه فرعون هذه الأمة، وقد قتله معاذ بن عمرو بن الجموح ومعاذ بن عفراء وهما غلامان لا يعرفانه حتى دلهما عليه عبد الرحمن بن عوف، وقد أخبرا بأنهما يريدان قتل أبي جهل لما كان من سبه للرسول صلى الله عليه وسلم وقد أجهز عليه ابن مسعود بعد أن أصاباه

 

ومنهم أمية بن خلف، فقد أسره عبد الرحمن بن عوف بعد المعركة وأسر معه عليًّا ابنه، فلمحه بلال، وكان هو الذي يعذبه بمكة، فقال: رأس الكفر أمية بن خلف، لا نجوت إن نجا، واستصرخ عليه الأنصار فأعانوه على قتله هو وابنه علي.

 

وقد ثبت في القرآن والحديث أن الله تعالى أمد المسلمين بالملائكة يوم بدر وكذلك صح أنها قاتلت ببدر.

 

وأخذ المشركون يتساقطون صرعى، حتى قتل منهم سبعون وأسر سبعون، وكان بعضهم يصرعون في مواضع كان الرسول صلى الله عليه وسلم قد بين لأصحابه قبل المعركة أنهم يصرعون فيها وذكرهم بأسمائهم.

 

ثم فروا لا يلوون على شيء تاركين غنائم كثيرة في ميدان المعركة.

 

وأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بسحب قتلى المشركين إلى آبار ببدر فألقوا فيها، وأقام ببدر ثلاثة أيام ودفن شهداء المسلمين فيها، وهم أربعة عشر شهيدًا سمتهم المصادر، وزاد ابن حجر عليهم في الإصابة اثنين آخرين. ولم يذكر أنه صلى الله عليه وسلم صلى عليهم وهي السنة في الشهداء ولم ينقل أحد منهم من بدر ليدفن في المدينة.

 

معجز معركة بدر

 

قُتل قائد قبيلة قريش “عمرو بن هشام” في نهاية غزوة بدر وانتصر المسلمين وقتل على يدهم حوالى 70 رجلًا من المشركين، أما المسلمون فقتل منهم 14 رجلًا فقط، منهم 6 من المهاجرين و8 من الأنصار، وشهدت تلك الغزوة واحدة من أعظم المعجزات التي حدثت وهي نزول الملائكة.

 

فقد انطوت معركة بدر على معجزة من أعظم معجزات التأييد والنصر للمسلمين، فقد أمدهم الله فيها بملائكة يقاتلون معهم، وقاموا بكل ما يمكن أن يكون سببا لنصر المسلمين، من بشارتهم بالنصر، وتثبيتهم بما ألقوه فى قلوبهم من بواعث الأمل والاطمئنان والثبات، وبما أظهروه للمسلمين من أنهم معانون من الله تعالى، ويقول الله تعالى: { إِذْ يُوحِى رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّى مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِى فِى قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ }(الأنفال:12)، وقال تعالى: { وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِينَ * بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةُ مُسَوِّمِينَ * وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ }(آل عمران:126:123) .

 

نتائج غزوة بدر

 

انتهت غزوة بدر بالنصر المُؤزَّر للمسلمين، والهزيمة الساحقة للمشركين، قال -تعالى-: (وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّـهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّـهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)، وقد سمّى الله يوم بدر بيوم الفرقان، وذلك في قوله: (يَومَ الفُرقانِ يَومَ التَقَى الجَمعانِ)؛ لأنّه فرّق فيه بين الحقّ واالباطل.

 

وأقام رسول الله في بدر ثلاثة أيّام بعد انتهاء المعركة؛ وذلك لدفن الشهداء، والقضاء على أيّة محاولة يُمكن أن تصدر عن المُنهَزِمين، وليأخذ الجيش مقدارًا كافيًا من الراحة، إلى جانب جمع الغنائم، وقبل الرحيل من أرض المعركة كان المسلمون قد جمعوا الكثير من الغنائم، ولم يكن الشرع قد بيّن حُكمها بعد، فأمرهم رسول الله بإعادة ما تمّ جَمعه منها، ثمّ نزل قوله -تعالى-: (يَسأَلونَكَ عَنِ الأَنفالِ قُلِ الأَنفالُ لِلَّـهِ وَالرَّسولِ فَاتَّقُوا اللَّـهَ وَأَصلِحوا ذاتَ بَينِكُم وَأَطيعُوا اللَّـهَ وَرَسولَهُ إِن كُنتُم مُؤمِنينَ)، ثمّ أنزل -تعالى- كيفيّة تقسيمها في قوله: (وَاعلَموا أَنَّما غَنِمتُم مِن شَيءٍ فَأَنَّ لِلَّـهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسولِ وَلِذِي القُربى وَاليَتامى وَالمَساكينِ وَابنِ السَّبيلِ إِن كُنتُم آمَنتُم بِاللَّـهِ)، فقسّمها رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- على المسلمين بالتساوي بعد أخذ خُمسها.

 

تحرّك رسول الله بجيشه نحو المدينة ومعه الأسرى من المشركين، وقد بلغ عددهم سبعين رجلًا، قُتِل منهم اثنان مّمن عُرِفوا بأذيّتهم الشديدة للمسلمين، وهما: النضر بن الحارث الذي كان حاملًا للواء المشركين في المعركة، وعقبة بن أبي معيط الذي حاول من قَبل خَنق رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بردائه.

عن mostafa kotb

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *